يشكل قطاع التعليم العالي حجر الأساس في
موضوع التنمية البشرية في المجتمع.
ويعتبر التعليم الجامعي حاجة أساسية للراغبين
في تحسين مستواهم المعيشي، وهدف لمعظم الطلاب الراغبين في الحصول على وظائف مهمة
تحقق طموحاتهم المستقبلية. إلا أن هذه الشهادات تصبح بلا قيمة، إذا لم يرافقها
الحصول على الوظيفة المناسبة، وذلك بعد المعاناة التي مر بها معظم الخريجون خاصة
الصعوبات المادية والاقساط العالية التي تطلبها معظم الجامعات الخاصة في لبنان.
وأشارت احصائيات نشرت في يوليو 2018 في لبنان،
ان عدد خريجي الجامعات سنوياً يصل الى 32 ألف طالب يتخرجون معظمهم من 28 جامعة
خاصة، إضافة الى الجامعة اللبنانية، فيما يبلغ عدد العاطلين عن العمل في لبنان 660
ألف شخص معظمهم حاصلين على الشهادة الجامعية.
من هنا يتوجب علينا ان نقف، ونبحث عن الأسباب
التي أوصلتنا الى هذه الأرقام الهائلة، والى حلول لتفاديها.
أولا : ان الظروف الاقتصادية والأمنية الصعبة،
وغياب الاستثمارات في لبنان تلعب دورا كبيرا بتفاقم ازمة البطالة في كافة القطاعات
العملية، وعلى القيمين والمعنيين البحث عن السبب الرئيسي خلف هذا الكم الكبير من
العاطلين عن العمل في لبنان رغم حصولهم على الشهادات الحجامعية المطلوبة والتي
تعتبر مفتاح نجاحهم في المستقبل، والتي عليها ان تساعدهم في الحصول على الوظائف.
وما حاجتنا لهذه الشهادات إذا لم نحصل على الوظيفة وبالتالي العمل بها، حتى أننا نجد
أحيانا البعض ممن عملوا بوظائف لا علاقة لها باختصاصهم الجامعي او بمرافق سياحية
ومطاعم لا تحتاج أي شهادة جامعية حتى لا يبقوا عاطلين عن العمل. وبالتالي يكون الأهل
قد دفعوا المبالغ الطائلة لتعليم أولادهم حتى يؤمنوا لهم ما هو ضروري لحياة كريمة،
ولكن للأسف لا يصلون الى مبتغاهم. مما يستوجب سفرهم الى الخارج أملا في البحث عن فرص
عمل.
ثانيا : الجامعات الخاصة مطالبة بتقليص
الفجوة بين ما هو مطلوب من اختصاصات وما هو متوفر فيها وذلك من خلال وضع آلية معينة،
تمنع وصول عدد الخريجين في مجال دراسي محدد الى الالاف علما ان البلد لا يحتاج الى
ربع هذا العدد من الخريجين منه، ويكون ذلك من خلال وضع عدد محدد لكل فرع من فروع
الاختصاصات لديها يكون بحسب حاجة المجتمع. وتشجيع الطلاب على دراسة الاختصاصات المطلوبة
في المؤسسات.
ثالثا : يفتقد لبنان الى العديد من الدراسات والأبحاث
والى المصداقية في هذا النوع من الدراسات التي تشير الى عدد الخريجين وعدد الاختصاصات
المطلوبة في سوق العمل، وبالتالي ان الدولة هي مسؤولة أيضا بشكل او بآخر بإغراق
البلد بهذا الكم من الخريجين من خلال غياب الوعي للدراسات الجديدة وحاجة المجتمع
وتوعية الطلاب والاهل للاختصاصات.
رابعا: يتوجه معظم الطلاب الى الاختصاصات
السهلة ويبتعدون عن الاختصاصات الصعبة والتي تحتاج الى الكثير من الجهد والتعب أو
الى عدد سنين أكثر مثل الهندسة والطب، كما أن معظم الطلاب يرفضون الاختصاصات
المهنية حتى لو كان المجتمع بحاجة لها على اعتبار اقل قيمة اجتماعية من الاختصاصات
الأخرى، وهذا ما هو متعارف عليه جدا في لبنان.
كيف نعرف الاختصاصات الأكثر طلباً
نشرت مجلة أمريكية مؤخرا تقريرا ذكرت فيه ان
هندسة الأدوات الطبية احتلت المرتبة الأولى في الاختصاصات الأكثر طلبا في سوق
العمل الأمريكي، فيما تحتل الاختصاصات مثل هندسة البرمجيات وهندسة البترول
الاختصاصات الاعلى دخلا بين الاختصاصات الأخرى.
من هنا جاءت الحاجة الى معرفة الطالب
اللبناني ما هي الاحتياجات المطلوبة في مجتمعه وفي الدول العربية المجاورة. نحن
بحاجة الى دراسات صادقة تشرح الواقع العام وتنقل صورة صادقة عن احتياجات المجتمع
وفي كافة القطاعات، حتى لا يبقى الخريجون من دون وظائف وبالتالي عاطلين عن العمل.
ما هي الاختصاصات الجديدة
نحن اليوم بأمس الحاجة الى اختصاصات جديدة
تواكب متطلبات العصر الحديث، وتلبي احتياجات سوق العمل والسؤال ما الاختصاص الذي أدرسه
اليوم حتى أضمن الحصول على وظيفة في السنوات المقبلة وبرواتب جيدة.
اليك بعض هذه الوظائف المطلوبة ومجالاتها:
اختصاصات المستقبل |
1-
الطاقة البديلة:
لا نستطيع ان
نبقى معتمدين على الوقود للأبد، من هنا ظهرت الحاجة الملحة الى الطاقة البديلة
كالطاقة الشمسية، وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية، وهي من أفضل الاختصاصات
المطلوبة اليوم والتي تغير حاجة المجتمع الى النفط في بلد تتوفر فيه الشمس والماء
والرياح.
2-
علم الروبوتات:
دخل الروبوت
في معظم أعمال البشر من أصغرها وصولا الى الطب والعمليات الجراحية. لهذا يتوجب ان
نهتم به.
3-
علوم البيانات:
هذا الاختصاص
يؤكد الحاجة الى البيانات وكيفية تحليلها وتسهيل عملية التعامل معها. وذلك من أجل
تقديم المساعدة للمؤسسات في اتخاذ القرارات.
وهنا نتمنى
على كلية الاعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية ان تهتم بهذا الاختصاص الجديد لما
فيه ارتباط وثيق بجزء من المناهج المعتمدة في قسم التوثيق من حيث كيفية تحليل
البيانات ووضع الملخصات. والبعد عن دراسة أرشفة الصور والصحف وفهرسة وتصنيف الكتب
لأنها أصبحت لا تحتاج الى عدد من الخريجين للقيام بها بفضل الالكترونيات الحديثة.
4-
شبكات الانترنت:
من
الاختصاصات الثورية التي سيزداد الطلب عليها في المستقبل، بحيث من المتوقع ان يصل
عدد الأجهزة الالكترونية المرتبطة بالانترنت حوالي 30 مليار جهاز بحلول 2020،
والانترنت أصبح على ارتباط وثيق مع الأجهزة الالكترونية الأخرى، وذلك من خلال
استخدامها عبر ربطها بالانترنت.
5- أمن الشبكات الالكترونية
مع كثرة عدد
الجرائم الالكترونية أصبح الأمن السيبراني حاجة ملحة سواء للمؤسسات الحكومية او
للشركات الضخمة.
ما هي الاختصاصات التي اندثرت
في المقابل نجد عددا من الوظائف قد اختفت نذكر أبرزها:
ما هي الاختصاصات التي اندثرت
في المقابل نجد عددا من الوظائف قد اختفت نذكر أبرزها:
1-
خدمة العملاء عبر الهاتف، والتي تم التعويض عنها ببرنامج
الكتروني.
2-
شركات السياحة، والتي أصبحت المواقع الكترونية المتخصصة
تقوم بما كان مطلوبا منها في السابق.
3-
رجل البريد، البريد الالكتروني أصبح أكثر استخداما، واستطاع
ان يتخطى حدود الزمان والمكان
4-
السكرتارية ، وغيرها من الوظائف الإدارية التي تم
الاستغناء عنها كليا أو أصبحت المؤسسات الضخمة تحتاج الى شخص واحد أو شخصين كحد أقصى
علما انه في السابق كان يتجاوز عددهم العشرات لدورهم في ترتيب الملفات وتنظيمها
وجدولة المواعيد ، اليوم اصبح الكمبيوتر والهاتف الذكي يقومون بالكثير من هذه
العمال الإدارية البسيطة ، واصبح جميع العاملين يجيدون استخدام الكمبيوتر والطباعة
.
5-
موظف المكتبة ، كانت المكتبات في السابق تحتاج الى عدد
كبير من الموظفين المتخصصين في علم المكتبات إضافة الى الفنيين العاديين ( المختصين
بالطباعة) وذلك لتسهيل عملهم في المكتبات ، اليوم مع تراجع الاقبال على المكتبات
كمصدر أساسي لاستقاء المعلومات والمراجع، أصبح خريج واحد قادر على القيام بدور أمين المكتبة وجميع
الوظائف التالية المطلوبة من فهرسة وتصنيف وارشفة كل هذا من خلال برنامج واحد
وجهاز كمبيوتر واحد، فلم تعد هناك الحاجة لطبع عشرات البطاقات لتوضيبها كل في
قسمها المخصص من مؤلف وعنوان ودار نشر ، ورؤوس موضوعات ، بطاقة واحدة على جهاز
الكمبيوتر .
اقرأ ايضا:
اختصاصنا الجامعي المناسب ، كيف نختاره ؟