"الإنسان حكيم نفسه" قول فيه الصدق في كثير من الأحيان، ففي داخل جسم كل إنسان طبيب قابع بين ضلوعه، وقوى شفائية إذا عرف كيف يتعاطى معها، ساعدته على البرء من أمراض لم تنفع معها الأدوية الموصوفة من طبيب أو أكثر.
نعم "الإنسان حكيم نفسه" وعلى كل إنسان أن يصغي إلى الأحكام الصادرة من طبيبه الذاتي القابع بين ضلوعه.
قد يصاب الإنسان بمرض ما فيعرض نفسه على الطبيب، ثم يتناول الأدوية التي يصفها له بانتظام، ومع ذلك تظل أعراضه قائمة، فإذا تجاوزت مدة "ضيافة" المرض حدود الراحة والتحمل، فماذا يصنع المريض؟ لقد لجأ إلى رأي ثان من طبيب آخر، فإلى من يلجأ الآن؟
على الإنسان أن يثني أو يثلث لطبيب آخر أقرب إليه من حبل الوريد، الطبيب الذي يقطن في داخل جسمه مستعدًا للتنبه في أي لحظة.
على المريض أن ينظر في المرآة، وعندها سيشاهد وجه طبيبه المنتظر الذي يستطيع مساعدته على الشفاء أو يحسن طريقته في التصدي لما يطرأ عليه من الأمراض الخفيفة والثقيلة.
الكثير من الأدلة العلمية توحي بأن كثيرًا من الأمور مثل وسائل مقاومة التوتر والانفعال، وتناول الغذاء الصحيح، والاستعانة بالأصدقاء والأقرباء يمكن أن تساعد جسم الإنسان على مكافحة المرض، وأكثر هذه التدابير واقع ضمن قدرة الإنسان على التحكم فيها.
في ما يلي بعض الإستراتيجيات التي اقتبست من المنشورات العلمية والطبية، أو سمعت من أفواه الخبراء حول طرق الاستفادة الكاملة من القوى الشفائية الداخلية في جسم الإنسان. إن الإصغاء إلى الأحكام العاقلة الصادرة من الطبيب الذاتي بين الضلوع، لا يعني أبدًا الاستغناء عن الطبيب الخارجي، بل إنه يعني تضافر الاثنين معًا من أجل الوصول إلى الشفاء السريع، لذلك وقبل أي شيء آخر، وقبل أن يتخذ المريض أي قرار بإضافة أو تبديل طرق المعالجة، عليه أن يستثير طبيبه في كل ما يعن له من أمور.
الاستعانة بالغذاء
ما إن يلم بالإنسان أي عارض صحي، كبيرًا كان أم صغيرًا، فإن نفس المريض لم تعد تتقبل الطعام كما ينبغي، ولكن يجب عليه أن يدرك أن لحظة المرض هي في الحقيقة اللحظة التي يجب عليه فيها أن يضاعف عنايته في أمور طعامه وشرابه، فالطعام في كثير من الحالات يعتبر جزءًا من الدواء، فكيف يكون ذلك؟
عندما يمرض الإنسان فإن غدده تأخذ في ضخ أنواع من الهورمونات تجاوبًا مع دواعي الإرهاق والانفعال التي تسببها الإنتانات والأمراض، وتسعى الجملة المناعية في الجسم جهدها لإخماد "الحريق" الداخلي، وهذه الطفرة من النشاط الغددي تعني تسارع نسبة الاستقلاب والسحب من المخزون الاحتياطي في الجسم، ما يعني أن جسم المريض يأخذ في حرق الكثير من السعرات الحرارية وسائر المواد الضرورية للحياة، بما في ذلك الفيتامينات والمعادن، فإذا ضعفت المغذيات التي تدخل إلى الجسم كأطعمة، فإن استعادته لعافيته تتأخر أو تتوقف، وهكذا يعر ض المريض نفسه للأخماج والعديد من المضاعفات والاختلاطات.
في الأحوال العادية لا يكون الإنسان معرضًا لأن يستنفذ خزانته من هذه المواد المغذية، إلا عند مرضه، كإصابته بمرض إنتاني شديد أو تعرضه لحروق كبيرة تلزمه سرير المستشفى لعدة أسابيع، إلا أن إصابة الإنسان بترفع حراري بسيط مثلًا، يمكن أن ترفع قليلًا درجة استقلاله، وهذا يمكن أن يسهم في تقليل مخزون جسمه من هذه المواد الضرورية لحياته.
إن سد مثل هذا النقص في المواد الاحتياطية للجسم، يمنح منظومات مقاومة الأمراض القدرة التي تحتاج إليها لكي تعيد الإنسان إلى سابق عافيته، فإذا كان المريض مقيمًا في المستشفى بعد عملية جراحية كبرى مثلًا، فإنه قد يعالج وسائل التغذية السائلة عبر الوريد، أو يغذي تغذية خاصة بأطعمة مقواة تساعده على استعادة قوته وصحته، ولكن الإنسان معرض أيضًا لملازمة الفراش بسبب إصابته بمرض عابر كالرشح مثلاُ، وعندها عليه أن يجرب طرق الإسعاف التالية:
شرب السوائل الكثيرة الاحتواء على المغذيات، كعصير الفواكه والخضر الخفيفة الأملاح، مخففة بالماء، أو الحساء أو المرق، وكذلك شرب الماء مقدار كاف، ثمانية أكواب أو أكثر يوميًا، لأن شرب الماء من الأمور المهمة.
تقليل مقدار الوجبات مع الإكثار منها عدديًا، فتخفيف مقدار الطعام يقلل فرص إصابة المريض باضطرابات في معدته وأمعائه، كالنفخة والغازات.
الابتعاد عن المواد الدسمة الثقيلة الوطأة على الجهاز الهضمي، فتناول المريض أطعمة خفيفة قليلة الدسم يساعد في زيادة نشاط خلايا الجملة المناعية.
الابتعاد عن عوامل الشدة والانفعال، إن تقليل التأثر بعوامل الشدة والإرهاق يمكن أن يساعد المريض على استعادة صحته، أو تجنب الوقوع فريسة للمرض، فخلايا الجسم تتأثر بعوامل الانفعال، وقد ثبت أن السبيل الهضمي مثلًا، والرئة تزخر بالخلايا الشديدة التأثر بهذه العوامل، مما يدعم الرأي القائل وجود علاقة مؤكدة بين جسم الإنسان وعقله، فالأشخاص المعرضون لحالات من التوتر الطويل كثيرو التهيؤ للإصابة بالقروح الهضمية والرشح وآفات القلب وارتفاع ضغط الدم واضطرابات الأمعاء، والوسيلة الناجعة لتقليل الانفعال العاطفي والشدة هي شيء فردي إلى حد كبير، فقد يرتاح أحد الناس عندما يشاهد التلفاز ، بينما يرتاح غيره إذا قرأ أو كتب، أو سار في الهواء الطلق .
إسهام المريض
الشعور بالقدرة على التحكم في أعراض المرض، لأن هذا الشعور يعمل في النفس عمل اللقاح في البدن، ويساعد على التعجيل في الشفاء، أما إذا استسلم للعجز والأفكار السلبية فإنه قد يكون عاجزًا عن الاضطلاع بجانب من هذه المسئولية.
ولكن على المريض أن يغذي هذا الشعور الشافي، شعور القدرة على التحكم، بما يلي:
الاهتداء إلى شخص مصاب بمثل مرضه، قادر على التعامل نجاح مع هذا المرض، وذلك لكي يهتدي بأسلوبه في مكافحة المرض.
قراءة أكبر قدر ممكن من المواضيع الطبية التي تتناول مشكلته، فالقراءة تزيده اطلاعًا على أسباب مرضه وطرق تفاديه ومعالجته معالجة صحيحة.
تنسيق المريض مع الطبيب بخصوص مرضه واعتباره شريكًا له في عملية العلاج.
فوائد المشي
يعتبر المشي العلاج الطبيعي لكثير من الأمراض، فالمشي المعتدل القوة؛ لا يؤدي فقط إلى تخفيف التوتر، وإنما ينبه الجملة المناعية أيضًا في الجسم، فهو ينشط الخلايا المناعية، ولكن ينبغي للمريض الإحجام عن أداء التمرينات الرياضية الشاقة إذا أحس الأعراض الأولى للمرض وان يواجهها الراحة.
أما بالنسبة للمشاكل الصحية المزمنة كارتفاع ضغط الدم وآلام الظهر والسكر وأمراض القلب، فإن الرياضة المعتدلة قد تكون من شأنها المساعدة على تخفيف هذه المشاكل وتقليل الحاجة إلى العقاقير، ولكن على المريض ألا ينسى طبيبه، وعليه أن يستشيره قبل الشروع في أي برنامج رياضي، أو مجهود متعب.
مقتبس عن: منور عثمان