الكتابة مرحلة متقدمة من مراحل تطور الحضارة الانسانية فهي تلي مرحلة الحديث الشفوي الذي يعتمد على اللغة المحكية ، اما الكتابة فتستلزم الروية والتمهل ومداومة التفكير والنظر ، ولها قواعدها وضوابطها اذ تعتمد على تنظيم الأفكار بعد بلورتها وصياغتها والتحقق من تماسكها وترابطها .
الكتابة نوعان :
1- كتابة اجرائية علمية : تتعلق بالمعاملات والتأريخ والتوثيق وهي ضرورة للمنافع العملية والمكاتبات الرسمية لها قواعد محددة واصول مقننة وتقاليد متعارف عليها ، كالتقرير والرسالة الادارية والبحث العلمي، وهذا النوع من الكتابة له قوالب منضبطة خاصة ومحددة .
2- كتابة ابداعية فنية : تحتاج الى قدرات فطرية فهي تعبر عن رؤية متفردة ذات أبعاد شعورية ونفسية وفكرية ، تنم عن حساسية خاصة تجاه التجارب الانسانية وتقوم على الابتكار لا التقليد ، ويجب ان تتوفر في صاحبها استعدادات خاصة .
مقومات الكتابة :
1- اتقان الأداة : أداة الكتابة بعلومها المختلفة ، نحو وصرف وبلاغة وفقه ولغة وما يتصل بآدابها في مختلف العصور إبداعا وتاريخا ، والمقصود بالنحو القواعد العامة والأساسية التي تتعلق بتركيب الجملة وضبط مفرداتها وموقع كل مفردة في سياقها . اما الصرف فهو يبحث في بناء الكلمة المفردة ومشتقاتها واصولها ، اما البلاغة فتبحث في وسائل تجويد المعنى واللفظ وفنون التعبير واختيار الكلمات والاساليب الملائمة للموضوع، واتقان هذه العلوم وما يتصل بها من وعي تام يشكل المبادئ الاساسية للكتابة والاجادة فيها .
2- التمرس بالأساليب الأدبية: وهو يتأتى بالمطالعة الغزيرة الواعية للكتب الأدبية المشهورة ، وقراءة الآثار النثرية والشعرية ، ومن شأن ذلك أن يسهم في تكوين ذائقة لغوية مدربة قادرة على التمييز بين الأساليب ، والتمكن من اختيار الألفاظ المناسبة .
3- الالمام بالثقافة العصرية : يشهد عصرنا الراهن انفجارا معرفيا فريدا ، فقد تعددت وسائل الثقافة وتكاثرت سبلها من سمعية وبصرية ، ويقوم الحاسب الالي اليوم بدور تاريخي في اثراء الثقافة الانسانية بما يختزنه من معلومات وما يستثمره من طاقات وخبرات . والثقافة في مفهومها العام ليست تحصيل المعلومات واختزانها وحشو الأدمغة بها ، وانما هي عملية استخلاص اوجه النفع منها فالثقافة سلوك ورؤية وموقف .
4- تكوين قاعدة فكرية خاصة بالموضوع الذي يراد الكتابة به : لم يعد مفهوم التحرير قائما على مجرد الصياغة الانشائية اللفظية والبراعة في حشد الكلمات والقوالب ، اذ لا بد من المعلومات المحققة المنظمة التي تمد الكاتب بالعناصر الأساسية للكتابة ، من هنا كان الاطلاع على جوانب الموضوع مهما قبل الشروع في الكتابة ، وذلك لارساء قاعدة مرجعية ينطلق منها الكاتب .
وفي الموضوعات الوصفية المحضة يستلزم الأمر مشاهدة حسية لما يراد وصفه ومعاناة عملية اذا كان الموصوف نسقا من السلوك او تجربة انسانية خاصة .
5- التوقيت : ليس هناك على موعد محدد للكتابة ولكن تخير الوقت المناسب الذي يشعر فيه الكاتب بالراحة الجسدية والنفسية والفكرية مبدأ هام يكاد يجمع عليه الباحثون والكتاب .
وربما انسب الأوقات الصباح الباكر بعد الفجر لمن اعتاد على النوم مبكرا ، الا ان بعض الكتاب يمارسون نشاطهم الابداعي في جوف الليل حيث تتوفر السكينة .
ما الذي ينبغي أن يراعى أثناء الكتابة ؟
عملية الكتابة لها أسس وشروط يجب مراعاتها حتى يظهر النص المكتوب وحدة متكاملة تفضي الى هدف ، وهذه الأسس تعتبر من أبجديات الكتابة ومبادئها الأولية وهي على النحو التالي :
أولا : تقسيم الموضوع الى فقرات تعبيرية متسلسلة بحيث تحتوي كل فقرة على فكرة مستقلة تشمل أحد عناصر الموضوع . ويبدأ الكاتب الفقرة عادة بترك مسافة أول السطر على ان تكون بداية الفقرة التي تلتها على نفس المسافة حتى يتوفر عنصر التناسق والتنظيم وتتكون كل فقرة من عدة جمل مترابطة.
ثانيا : يجب مراعاة قواعد الرسم الكتابي/ الاملاء/ لأنها قوام العملية الكتابية لا تستقيم إلا بها .
ثالثا : مراعاة علامات الترقيم جزء من الالتزام بقواعد الاملاء لهذا لا بد من الالمام بها .
رابعا : تنظيم الفقرات وتسلسل جملها يؤدي الى سهولة الفهم ويمكن القارئ من الاستيعاب السريع كما ان ذلك يريح العين والذهن .
خامسا : عند الاقتباس من اي مرجع او مصدر يوضع الكلام المنقول بين علامتي تنصيص وفقا لقواعد الترقيم ، ويشار الى المصدر او المرجع بالهامش حسب الأصول العلمية المتبعة.
سادسا :يستحسن ان يكون هناك مسافات كافية بين السطور وان يبتعد الكاتب عن كل ما من شأنه تشويه الكتابة .
سابعا : من الافضل ان يكون في الورقة هامش لكي تدون فيه بعض المعلومات الخاصة بالمراجع ولاغراض تنظيمة وجمالية .
علامات الترقيم :
تُعرّف علامات الترقيم في اللغة حسب ما ورد في معجم "القاموس المحيط" بأنّها علامات اصطلاحيّة تُكتب أثناء الكلام أو في نهايته، مثل: النقطة، والفاصلة، وعلامتيّ التعجب والاستفهام .
أمّا معناها الاصطلاحي فهي عبارة عن علامات محددة توضع أثناء عملية الكتابة؛ بهدف تعيين مواطن الوقف، والفصل، والابتداء، وبيان الأغراض الكلاميّة، وأشكال النبرات الصّوتيّة خلال القراءة، وتوضيح المقاصد لتسهيل فهم المعاني في الجمل.
النقطة تُكتب النقطة بهذا الشكل: (.)
وتستخدم في أماكن متعددة، ومن أهمّها نذكر ما يلي: عند نهاية الجملة التامة في المعنى والإعراب، سواء أكانت هذه الجملة فعليّة أم اسميّة أم مركبة، كما يمكن استخدام النقطة داخل علامات التنصيص في حال كانت الجملة طويلة وتامة في المعنى، مثل قولنا: (أكلتُ التفاحة.)، أمّا بخصوص الجملة الاعتراضية فيفضل نقلها إلى الحاشية في حال كانت جملة طويلة وتامة في اللغة والمعنى، إلا أنّه يمكن في حالات معينة وضع الجملة الاعتراضية داخل قوسين، وإنهائها بنقطة دون الحاجة إلى كتابة نقطة أخرى في نهاية القوس الثاني.
بعد القوس الثاني أو علامة التنصيص الثانية مباشرةً في حال انتهت الجملة بهما، سواء احتوت هذه الأقواس على كلمة أم عبارة أم جملة فرعية غير تامة في المعنى.
بعد نهاية الفقرات المُرقّمة، والتي تبدأ بسطر جديد حتى لو لم تكن الجملة مكتملة المعنى بدلاً من الفاصلة؛ وذلك من أجل التيسير على القارئ وخاصةً أنّ هذه الفقرات المرقمة قد تحتوي على جملة تامة في المعنى، أو مجموعة من الجمل استوفت معناها وإعرابها، فتُعامل كغيرها من الجمل. بعد الحروف أو الأسماء، أو الكلمات التي تمّ اختصارها، ومن الأمثلة على ذلك قولنا: (ق.م) أي (قبل الميلاد).
الفاصلة تُرسم بهذا الشكل: (،)
ترمز إلى وقفة قصيرة، وتكتب الفاصلة في مواطن عدّة، ومن أهمها نذكر ما يلي:
توضع بين مجموعة من الجمل تتألف من كلام تام الفائدة لغرض معين، ومن الأمثلة على ذلك: (إنّ خالداً طالبٌ مؤدب، لا يؤذي أقرانه، ولا يقصر في واجباته).
توضع بين الكلمات المتشابهة مع الجمل في طولها، ومثال على ذلك قولنا: (سافر والدي، ابتعدتْ به الطائرة، حزنتُ كثيراً).
تأتي بعد لفظ المنادى، مثل قولنا: (يا علي، اجتهد في دروسك). تستخدم بين أنواع الشيء وأقسامه، ومن الأمثلة على ذلك قولنا: (فصول السنة أربعة: الصيف، والخريف، والشتاء، والربيع).
الفاصلة المنقوطة: تكتب بهذا الشكل: (؛) وتستخدم في الأماكن التالية:
بين الجمل الطويلة التي تتألف من كلام مفيد، ومثال ذلك قولنا: (المشكلة في المدارس ليست ناتجة عن ضعف المناهج، أو هبوط مستوى الطلاب، أو عدد الحصص الدراسية؛ إنما تكمن المشكلة في عدم تعاون أهالي الطلبة مع المدرسة).
بين جملتين تكون الأولى منهما سبباً للثانية، ومثال على ذلك قولنا: (صاحب مجتهداً؛ لأنّ مصاحبة المجتهدين تُكسب)، أو تكون الجملة الثانية نتيجة للجملة الأولى، ومثال على ذلك: (احذر من الإهمال؛ حتى لا يتقدم عليك غيرك).
النقطتان الرأسيتان تكتب بهذا الشكل: (:)
ويوجد لها عدّة استعمالات، ومن أهمّها نذكر ما يلي:
توضع بين القول والمتحدّث به، ومن الأمثلة على ذلك: (قال جدي: لا تؤخر عمل اليوم إلى الغد).
توضع بين الشيء وأجزائه، ومثال على ذلك قولنا: (عدد أصابع اليدّ خمسة: السبابة، والوسطى، والإبهام، والخنصر، والبنصر).
توضع قبل ذكر الأمثلة التي توضح قاعدة، مثل أن نقول: (أقسام الكلام ثلاثة: حرف، واسم، وفعل)، وأيضاً قبل الكلام الذي يشرح ما قبله، ومثال على ذلك: (الصدق صفة نبيلة: تجعل صاحبها محترماً بين الناس، يوثق بكلامه وبفعله).
الأقواس وعلامات التنصيص الأقواس: نذكر منها ثلاثة أنواع، وهي: القوسان الهلاليان: ترسم هذه الأقواس بهذا الشكل: ( ) ويوضع بينهما: الجمل المعترضة، وألفاظ التفسير والإيضاح، وألفاظ الاحتراس.
القوسان المعكوفان: شكلهما: [ ]، ويوضع بينهما الكلام الخارج عن السياق، والبعيد عن الأصل، ويستخدمها في الغالب كتّاب الدراسات والأبحاث منعاً للخلط.
علامات التنصيص: ترسم بهذا الشكل: (" ") وهي من علامات الترقيم التي تستخدم عند كتابة كلام تمّ اقتباسه نصيّاً وحرفيّاً من كلام أشخاص آخرين، ومثال على ذلك: (التواضع من أمهات الفضائل، دعا إليه الأنبياء والحكماء، ومن أفضل ما قيل فيه كلمة لعباس محمود العقاد: "التواضع نفاق مرذول، إذا أُخفيت به ما لا يخفى من حسناتك توسلاً إلى كسب الثناء").
علامتا التعجب والاستفهام علامة التعجب: تُرسم بهذا الشكل: (!) وتسمى أحياناً علامة الانفعال؛ وهي من علامات الترقيم التي تأتي بعد الجمل التي تدل على انفعالات نفسية غير متوقعة، وهي تعبّر عن العواطف أكثر مما تعبّر عن الأفكار؛ لهذا لا تستعمل في الكتابات العلميّة، ومن هذه الانفعالات: التعجب، والاعجاب، والتهكم، والفرح، والحزن، والتحذير، وهي تنوب عن النقطة، ومثال عليها قولنا: (ما أنبل هذا الرجل!).
علامة الاستفهام: تكتب بهذا الشكل: (؟)
وتستخدم عادةً بعد نهاية الجملة الاستفهامية، سواء أكانت أداة الاستفهام موجودة في الجملة أم محذوفة، وهي تنوب عن النقطة في هذه الجمل، وتكتب عادةً نهاية الجملة في حالة انتظار السائل إجابة أو استجابة للسؤال عن أمر معين مثل قولنا: (كم الساعة الآن؟)
الشرطة أو الوصلة تُرسم بهذا الشكل: (-)
وتستخدم في المواضع التالية:
توضع عند الفصل بين ركنيّ الجملة في حال كان الركن الأول طويلاً، ومن الأمثلة على ذلك قولنا: (الطائر ذو الألوان الجميلة، الواقف على أغصان الشجرة- يغرد كلّ يوم).
تُوضع بين العدد والمعدود في حال كانا كعناوين في بداية السطر، وسواء أكان العدد رقماً أم لفظاً، ومثال على ذلك: (إذا قمتُ برحلة آخذ معي: أولاً- الطعام والماء، ثانياً- أدوات الرحلة، ثالثاً- وسائل الترفيه.
علامة الحذف يُرمز لها بهذا الشكل: (...)
وتستبدل مكان الكلام المحذوف من عبارة معينة، ومثال على ذلك: (في بيروت ...)، و(تاريخ لبنان ...)