إن إدارة الصف وحفظ النظام فيه، من أهم أركان العملية التعليمية التعلمية ومتطلباتها الأساسية التي تواجه المعلم في المدارس، وإن ضبط النظام داخل غرفة الصف يستهلك جزءًا كبيرًا من وقت المعلمين وجهدهم.
فالصف الذي يفتقر إلى القيادة الواعية التي تدرب التلاميذ على الضبط الذاتي وتحمل المسئولية، تدب فيه الفوضى وتتكرر السلوكات غير المرغوب فيها، كامتناع بعض التلاميذ عن الاشتراك في الأنشطة المقررة داخل حجرة الصف، أو تأخر التلميذ في الحضور في الوقت المناسب، أو التسبب في إرباك الصف في الحديث أو التشويش أو التعليق أو الضحك دون مبرر، مما يدفع المعلم إلى الانشغال بهذه الأمور والعمل على إيقافها والحد منها، وهذا يؤثر في عطائه الأكاديمي ويعطل سير العملية التعليمية التعلمية.
إن مسألة تحقيق الإدارة الصفية الفعالة مسألة باتت تؤرق الكثير من المعلمين وتدفعهم للتفكير والبحث والتجريب وإعادة النظر في طرق إداراتهم، وذلك لتوفير بيئة هادئة يسود فيها النظام، ويطغى عليها عنصر التعزيز الإيجابي لإثارة دافعية التلاميذ، وتحقيق التعلم البناء للوصول إلى الأهداف المرجوة.
ويوصف ضبط الصف بأنه سلوك يتعلق بردود أفعال المعلم لسلوك يقوم به الطالب، وهو سيطرة المعلم على الصف والاحتفاظ بهذه السيطرة وإرساء نظام صفي .
ويشير مفهوم النظام إلى أنه انضباط سلوك الطلبة في الموقف التعليمي التعلمي وفق القواعد والأنظمة الصفية المحددة، وبما ييسر عملية التفاعل الصفي تجاه تحقيق الأهداف المخططة بمشاركة جميع عناصر الموقف وبحسب المهمات والأدوار .
وتعرف إدارة الصف بأنها تلك العملية التي تهدف إلى توفير تنظيم فعال داخل غرفة الصف، من خلال الأعمال التي يقوم بها المعلم؛ لإحداث التغيير المرغوب في سلوك المتعلمين، وتوفير بيئة مناسبة داخل غرفة الصف .
تحقيق الانضباط
ننظر إلى موضوع انضباط التلاميذ من زاويتين تتعلق إحداهما بالنظام الذي تفرضه الأنظمة واللوائح التي تنظم عمل المدرسة بصفة عامة، فالنظام قيمة جوهرية ينبغي على الجميع اكتسابها ولاسيما التلاميذ في مدارسهم وقاعات الدرس لضمان سير العمل، وعلى المعلم أن يذكر التلاميذ بالحدود التي يكفلها النظام والتي لا يمكن تجاوزها، والزاوية الأخرى هي التزام التلاميذ أنفسهم التزامًا داخليًا ذاتيًا، حيث يعملون على توفير الجو الهادئ الإيجابي داخل غرفة الصف، فالتلميذ مقتنع بأهميته كفرد وبدوره، لذا فهو يراقب سلوكه بنفسه ويساعد زملاءه ويحرص دائمًا على الالتزام بتوجيهات المعلم في حضوره وغيابه.
أسباب مشكلات عدم الانضباط
هناك الكثير من الأسباب التي تربك النظام داخل حجرة الدراسة وتتسبب في عدم ضبط الصف، ومن هذه الأسباب:
- المشكلات الانفعالية والقصور الحسي.
- نقص الدافعية لدى التلاميذ.
المشكلات الاجتماعية والعائلية والثقافية والاقتصادية.
- بطء التعلم وعدم القدرة على اللحاق بالآخرين.
- قصور المنهج وعدم اتساقه مع قدرات التلاميذ.
- جمود طرق التدريس.
- عدم اهتمام المعلم بالفروق الفردية في القدرات والاحتياجات والخبرات والمهارات.
- نمط المعلم كالتسلط واللجوء إلي العقوبة والتهديد.
- سوء تنظيم حجرة الدراسة.
- عدم وجود نظام واضح متفق عليه بين المعلم والتلاميذ.
- عدم إنصاف المعلم بتوخي العدالة في معاملة التلاميذ .
كيف يتمكن المعلم من ضبط الصف؟
لكي يتمكن المعلم من تحقيق الانضباط داخل غرفة الصف عليه أن يضع في حسبانه بعض الأمور التي من شأنها أن تقلل من بروز المشكلات الصفية، وما يجب فعله هو الآتي:
كن مستعدًا ومحضرًا بشكل جيد للدرس.
قم بإشراك التلاميذ في وضع قواعد السلوك المقبولة في الصف.
استخدم التعزيزات الإيجابية المنوعة.
أصبر على التلاميذ حين يخطئون من حين إلى آخر.
أعطِ اهتمامًا فرديًا لكل تلميذ.
لا تتعجل في إصدار أحكامك وكن متسامحًا ما أمكن.
العوامل التي تساعد في تحقيق الانضباط الصفي
- العمل على خلق علاقة إيجابية بين المعلم والتلاميذ قائمة على الاحترام وقبول الرأي والمناقشة الهادئة الهادفة.
- كسر الروتين والملل والرتابة، وتوفير أنشطة محببة ومشوقة ومنوعة تناسب قدراتهم وميولهم واحتياجاتهم.
- تدريب التلاميذ على العمل بهدوء عن رضا وقناعة، من خلال الحوار والمناقشة الموضوعية والتفكير العميق والربط والاستنتاج.
- تدريب التلاميذ على الانضباط الذاتي، وذلك من خلال تعويد المعلم تلاميذه على الصراحة، وحل المشكلات والمبادرة وطرح الأفكار والسؤال والبحث والتجريب لتحقيق التفاعل الإيجابي البناء.
- معرفة خصائص التلاميذ وقدراتهم، وتنويع النشاطات الصفية وفق قدراتهم، والعمل على إشباعها لتشجيع العمل التعاوني.
- توزيع المسئوليات على جميع التلاميذ وإشراكهم في تحقيق الضبط الصفي بتدعيم دور كل فرد منهم وتعزيزه.
- معرفة أسماء التلاميذ وتعلمها بالسرعة الممكنة واحترام فردية كل منهم، ومعاملتهم بلطف وإنسانية.
- إشراك أولياء الأمور في النظام، فالمدرسة جزء من المجتمع الخارجي ومكملة له وساعية لتحقيق أهدافه، والتواصل بين البيت والمدرسة أمر ضروري وواجب محتوم، وإشراك أولياء الأمور في عملية الانضباط الصفي سيحقق الأهداف المرجوة من ورائه .
المبادئ الأساسية لإدارة الصف
التعامل مع الطلبة وفق معايير واضحة وثابتة، وهذا يتطلب بناء قاعدة سلوكية مقبولة من قبل الطلبة، مثل التنقل داخل حجرة الدراسة، والاستئذان قبل الكلام، واحترام ملكية الآخرين، وهذا يؤدي إلى انتظام الطلبة في تفاعلهم داخل حجرة الدراسة.
استخدام المعلم الحد الأدنى من السلطة في معالجة مشكلات النظام الصفي.
وعي التلميحات اللفظية وغير اللفظية التي يستخدمها الطلبة في تفاعلهم أثناء الدرس، فالمعلم الفعال هو الذي يتوخى الدقة والحذر في مراقبة التفاعل اللفظي وغير اللفظي .
مراقبة البيئة الصفية وما يحدث داخل حجرة الدراسة من سلوكات، ومتابعة ومراقبة إنجاز المهمات والنشطات الموكلة للتلاميذ، وأن يكون المعلم في موقع يتمكن من خلاله رؤية جميع التلاميذ، وأن يهيئ لهم البيئة المناسبة التي تسهل تحركاتهم وتنقلاتهم عند اللزوم، كما أن عليه أن يوزع الأسئلة بشكل عادل، وأن يسمح لكل تلميذ بالمبادرة والمناقشة والتفاعل الإيجابي البناء
استراتيجيات إدارة الصف
- تجديد دور الطالب ودور المعلم في النشاطات المختلفة بوساطة التنظيم الجيد.
- اهتمام المعلم بمشاعر التلاميذ والعمل على تكوين علاقات صفية سوية معهم.
- معرفة وملاحظة كل السلوكات التي يقوم بها كل تلميذ طوال الوقت، واللجوء إلى استخدام نظرات العيون كنوع من اللوم والعتب للتلميذ غير المنضبط.
- توفير البيئة التي تؤمن للتلميذ الصحة النفسية اللازمة، وإبراز مشاعر الاحترام والتقدير لفردية كل تلميذ.
- إشراك التلاميذ في الإدارة الصفية وإرساء قواعد النظام الصفي، وتشجيعهم على تقديم مبادراتهم في تطوير الإدارة والنظام.
- إدارة وتنظيم الوقت بالتخطيط الجيد للدرس، وترتيب المواد والتجهيزات والوسائل، والحرص على بدء وإنهاء الدرس في الوقت المحدد.
- تقديم التعزيزات الإيجابية للتلاميذ لتشجيعهم على الاستمرار في السلوكات المرغوب فيها.
- التنويع في طرق التدريس، والعمل على جعلها مشوقة ما أمكن ذلك.
- إشراك التلاميذ في اتخاذ القرارات المتعلقة بهم؛ لأن ذلك سيدفعهم للعمل بكل جد وإخلاص للمشاركة والتعاون .
مقتبس : د. محمد صالح إبراهيم خطايبة
انظر ايضا :
فاعلية استخدام الخريطة الذهنية