مع تعاظم دور تقنيات الذكاء الاصطناعي وهيمنة الروبوتات على وظائف معينة، بات السؤال الأكثر إلحاحا بالنسبة لمستقبل الأعمال، ما هي المهارات التي يجب أن نمتلكها كي نحتفظ بفرصتنا في الحصول على عمل؟
وأشار تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي بعنوان "مستقبل الوظائف"، إلى أن أكثر من ثلث المهارات التي كان يعتقد بأنه من الضروري توفرها في القوى العاملة اليوم، ستتغير في المستقبل، وهو ما يحتم علينا التمتع بجملة من المهارات التي كشف عنها موقع مجلة "فوربس" الأميركية بناء على آراء خبراء:
الإبداع
من الضروري أن يتمتع العاملون في المستقبل من البشر بالإبداع وذلك ليدركوا فوائد المنتجات والتقنيات وآليات العمل الجديدة، وهو أمر يتفوق فيه البشر على الروبوتات.
وتنبع أهمية الإبداع في بيئات العمل لكونها حاجة لا يمكن الاستغناء عنها، إذ ستفرض الوظائف المستقبلية على العاملين فيها أن يتمكنوا من التفكير بطرق جديدة لتواكب المتغيرات المتسارعة.
الذكاء العاطفي
يعرف الذكاء العاطفي على أنه القدرة على إدراك العواطف الشخصية وتلك الخاصة بالآخرين والتحكم بها والتعبير عنها.
ويعتبر هذا النوع من الذكاء مرتفعا إن كان لديك تعاطف ونزاهة وأسلوب عمل جيد في التعامل مع الآخرين.
ويتفوق البشر على الآلات في ميدان التواصل مع الأشخاص، وهو ما سيجعل الطلب على من يتمتعون بذكاء عاطفي عال مرتفعا في المستقبل.
التفكير التحليلي
بمقدور من يمتلك مهارات تحليلية نقدية أن يقدموا حلولا وأفكارا مبتكرة لحل مشكلات معقدة من خلال التفكير المنطقي والتحليل وتقييم الأوضاع وكشف الجوانب السلبية والإيجابية.
وستتاح أمام أصحاب التفكير التحليلي فرص وظيفية كثيرة في المستقبل وذلك لأهمية دورهم في تفضيل توكيل المهمات إلى البشر أو الآلات.
ستتطلب الوظائف المستقبلية أشخاصا يتمتعون بالرغبة في التعلم المستمر والنمو باعتبار ذلك من العوامل المساهمة في تطوير مهارات ينجم عنها إنجاز الأعمال بكفاءة عالية، عبر سلسلة من التحديات والاستفادة من الأخطاء والمعرفة.
اتخاذ القرارات
ستتعقد آليات اتخاذ القرارات في المستقبل ببيئات العمل، فبينما ستعمل الآليات والأجهزة على تحليل البيانات، وسيكون القرار النهائي بيد الإنسان الذي سيتحمل تداعيات ما اعتمده على الأعمال والموظفين.
مهارات التواصل مع الآخرين
ستكون مهارات التواصل والقدرة على تبادل المعلومات بين البشر مهمة للغاية في بيئة الثورة الصناعية الرابعة، فالتواصل مهم للتوصل إلى نتائج صحيحة باستخدام العبارات المناسبة ولغة الجسد لإيصال الرسائل التي تصب في مصلحة الأعمال.
مهارات قيادية
سيعمل أصحاب المهارات القيادية المميزة على تحفيز أعضاء فريقهم ودعمهم لتحقيق أهدافهم ومهماتهم، ومد يد العون لهم في حل المشكلات التي تواجههم.التكيف والذكاء الثقافي
بالتزامن مع التنوع والانفتاح الذي تشهده بيئات العمل، ستصبح مسألة القدرة على التعامل مع عاملين ينتمون لثقافات أخرى بالغة الأهمية، وخصوصا الفروقات المتعلقة بعوامل مثل اللغة والعمر والجنس ووجهات النظر والمعتقدات.
تولهذه المهارة ميزة تكمن في دورها بتحسين التفاعل بين العاملين في المؤسسات والارتقاء بمنتجات الشركات والتي ستكون أكثر شمولية.
مهارات تقنية
تغذي الابتكارات التقنية كالذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي وغيرها من المبادئ الثورة الصناعية الرابعة، لذا لا يمكن تجاهل التمتع بالمهارات التقنية العالية عند الحديث عن الوظائف المستقبلية، والتي ستكون مدمجة في جميع جزئيات العمل بطريقة أو بأخرى.
التكيف مع المتغيرات
في ضوء التغيرات التي ستكون متسارعة للغاية في بيئات العمل، سيتحتم على العاملين أن يجيدوا التكيف مع أي تغيير يحدث بشكل جيد، واعتبار أي تغيير فرصة للنمو والابتكار.
نصف وظائف العالم "يتبخر" خلال سنوات
حذرت منظمة عالمية من خطر "اختفاء" نصف وظائف العالم خلال السنوات المقبلة، مشددة على ضرورة التفكير في "خطة بديلة"، وفق ما نقلت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
وذكر تقرير حديث لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، وهو تحالف يتكون من 36 دولة من مختلف أنحاء العالم، أنه خلال العقدين المقبلين سـ"تلغى أو تتغير" نصف الوظائف الموجودة حاليا في الأسواق، وتابع "هذا يعني أن عددا كبيرا من العمال سيفقدون قريبا وظائفم".
وتقدر المنظمة أن 14 في المئة من الوظائف ستعوضها التكنولوجيا، فيما سيتغير إلى حد كبير شكل 32 في المئة من الوظائف.
وفي خضم هذه المخاطر التي تهدد عددا من الوظائف، طرح التقرير سؤالا عريضا مفاده "هل نحن مستعدون؟"
وقال الأمين العام لمنظمة "OECD"، أنجيل غوريا، في بيان "إنه يتوقع تحديات كبيرة لمستقبل التوظيف في العالم".
وأضاف "تقرير المنظمة لا يقدم تصورات عن مستقبل التوظيف، لكنه يسلط الضوء على التحديات التي ستواجهها شريحة كبيرة من العمال، مع فرض التكنولوجيا نفسها بقوة".
ويوضح خبراء أن الوظائف التي ستخلقها التكنولوجيا ستكون "قصيرة الأمد"، مشيرين إلى أن "المشكلة تكمن في مدى قدرة العمال الحاليين على التعامل مع هذا النوع من الوظائف التي ستظهر مستقبلا".
وتقول الدراسات إن 6 من أصل كل 10 أشخاص لا يملكون أي خبرة في التعامل مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، في وقت ارتفعت فيه حصة الوظائف المتطلبة للمهارات التقنية بـ25 في المئة خلال العشرين عاما الماضية.
كشفت دراسة نشرت نتائجها مؤخرا أن هناك وظائف لم تكن موجودة قبل 8 سنوات، أو أنها بالكاد كانت موجودة.
وتبين من الدراسة، التي شملت 259 مليون شخص مشترك في موقع لينكدإن، أن معظم هذه الوظائف تتعلق بقطاع تكنولوجيا المعلومات.
وحيث أن النتائج تتعلق بالفترة بين عامي 2008 و2013، فلا بد أنها تضاعفت أكثر بكثير مما كانت عليه بحسب ما يشير خبراء في هذا المجال.
وقال خبراء في مجال تكنولوجيا المعلومات إن الأرقام بين عام 2013 و2016 تضاعفت أكثر من مرة مقارنة بما كانت عليه قبل هذه الفترة.
وأوضحوا أن هذه الأرقام لا بد أن تكون تضاعفت مرتين أو ثلاث مرات على الأقل، منوهين إلى أن الانتشار ليس في الولايات المتحدة فحسب، بل في دول العالم.
أما الوظائف التي تتعلق بها الدراسة فهي: مطورو تطبيقات آيفون وأندرويد، والعمل في مجال التسويق الرقمي، والتسويق عبر شبكات التواصل الاجتماعي، والعمل مع البيانات الرقمية الهائلة، والحوسبة الرقمية، إضافة إلى تصميم الواجهات الرسومية وواجهات المستخدم على الإنترنت، إلى جانب وظائف أخرى، غريبة نسبيا، مثل اللياقة عبر الحركات الراقصة.
فعلى سبيل، تضاعف عدد مطوري تطبيقات نظام تشغيل "آي أو أس" iOS خلال 5 سنوات نحو 142 مرة، إذ كان عددهم 89 مطورا عام 2008، وبلغ 12634 مطورا في العام 2013.
ويعتقد أن هذا الرقم تضاعف مرتين على الأقل حتى بدايات العام الجاري، ويتوقع أن يتجاوز الرقم 25 ألف مطور.
الأمر ذاته ينطبق على مطوري تطبيقات أندرويد، إذ كان 53 مطورا عام 2008، وارتفع عام 2013 إلى 10554 مطورا، أي أنه تضاعف 199 مرة، وبالتالي، فإن هذا العدد ربما يتجاوز خلال العام الجاري 22 ألف مطور.
الأمر نفسه ينطبق على وظيفة مدرب زومبا، كما يظهر الإنفوغرافيك المرفق، وكذلك أعداد المختصين في مجال شبكات التواصل الاجتماعي وعلماء البيانات ومصممي واجهات الاستخدام ومهندسي البيانات الكبيرة والمختصين في مجال الخدمات السحابية والتسويق الرقمي.
اختفاء وظائف
وأشار خبراء في مجال تكنولوجيا المعلومات إلى أن هناك وظائف ستنقرض، وأخرى ستنجزها الآلات الذكية.
وتطرقوا إلى دراسات وتقارير كثيرة سابقة كانت سلطت الضوء على التأثيرات التي ستحدثها التطورات التكنولوجية اللافتة من حولنا على أسواق الوظائف والعمل، خصوصا الخدمية منها، وتلك التي لا تتطلب مهارات إبداعية أو اجتماعية.
وجاءت الدراسات والأبحاث بتنبؤات مثيرة للاهتمام، فمنها ما ذكرت أن 80 في المئة من وظائف المستقبل لا وجود لها اليوم، وأخرى توقعت بأن تقوم الآلات الذكية بإنجاز أكثر من نصف الوظائف الحالية في العالم خلال العقدين المقبلين.
ومن بين تلك الدراسات، دراسة أجرتها جامعة أكسفورد حملت عنوان "مستقبل التوظيف: كيف تواجه الوظائف خطر الأتمتة؟"
وبينت الدراسة أن نصف الوظائف في الولايات المتحدة ستواجه خطر الأتمتة خلال العقدين المقبلين.
وتوصلت أيضا إلى أن الوظائف في مجال النقل والخدمات اللوجستية، إضافة إلى الوظائف المكتبية والوظائف الإدارية البسيطة ستكون الأكثر عرضة لهذا الخطر.ووجدت الدراسة كذلك أن سوق الوظائف يواجه الخطر نفسه في بريطانيا والكثير من البلدان الأوروبية أيضا.
وحددت الدراسة مجموعة من المعوقات أمام أتمتة بعض الوظائف، مشيرة إلى أن "البيانات الكبيرة" تسهم بشكل كبير في تذليل هذه المعوقات وتمهيد الطريق أمام أتمتة المزيد من الوظائف في شتى المجالات.
وأوصت الدراسة في الختام أصحاب الأعمال البسيطة التي لا تتطلب مهارات عالية بالتحول إلى أعمال أقل عرضة للأتمتة، مثل الأعمال التي تتطلب إبداعا أو ذكاء اجتماعيا، ولكن هذا التحول يتطلب طبعا اكتساب مهارات إبداعية واجتماعية معينة.
"مقتبس"