تساهم المواقع الأثرية والتراثية وما بها من مباني ومناطق في حفظ ذاكرة الشعوب وثقافة الأمم بصورة تستوجب الحفاظ عليها من خلال توافر المعلومات المتنوعة الصحيحة المرتبطة بها.ويعتبر التراث الثقافي والحضاري سجلاً لإبداع الأمة ورمزا لعبقريتها وذاكرة حافظة لقيمتها وهويتها الحضارية، ويعد التراث المعماري المادي علامة مضيئة ومصدر تاريخي لا يقبل التأويل وشاهد على نبوغ معمارييها وفنها وعراقة رموزها. يحتل الموروث العمراني في برشلونة مكانة متميزة في وجدان الشعب الاسباني ويحظى بإعتزاز الأجيال وينال إستحسانهم بوصفه نتاجاً متميزاً وجذاباً في وجدان الأمم. ومن هنا تظهر أهمية الحفاظ على هذا التراث الإنساني، كنموذج متميز للعراقة الإسبانية وإيقاف كل التجاوزات التي يتعرض لها النسيج العمراني والحضاري للمدينة، والحد من الأنماط العمرانية البعيدة عن الارث الحضاري لها والتي تنتشر مؤخراً وتهدد بضياع هويتها، بإعتبارها ثروة وطنية وعالمية مدرجة تحت التراث العالمي لليونسكو.
أولاً- السمات المميزة للعمارة الإسبانية
يعد التراث المعماري الشاهد على تطور التاريخ، وهو أحد عناصر الفنون التراثية التي لا تتجزأ عن التراث كالموسيقى والأدب والفنون الشعبية. لذلك تختلف مفردات وسمات التشكيل المعماري وأسسه بإختلاف الزمان والمكان، وتظهر الملامح التقليدية للعمارة فيما أفرزته الحقب المختلفة من العناصر ومواد البناء من تشكيلات فنية خارجية وداخلية.تتمثل العمارة الإسبانية من خلال مجموعة متنوعة من الأشكال والأنماط المعمارية. القوطية، عصر النهضة، والباروك - إسبانيا حيث تعكس المدن المختلفة فترات تطور إسبانيا من العصور القديمة إلى العصور الوسطى القوطية الرشيقة إلى بلاتريسكي والاتجاهات الحديثة. كما تجذب الهندسة المعمارية لإسبانيا سنوياً ملايين السياح الذين يأتون لرؤية الأشياء المميزة المدرجة في قائمة التراث العالمي لليونسكو.
أ- العمارة في إسبانيا
اسبانيا من وجهة نظر الهندسة المعمارية والتخطيط الحضري مثالاً حياً على مزيج من الأساليب والتقاليد والخصائص الثقافية. ومن الصعب تحديد ما هو أكثر إثارة هنا الحداثة أو الآثار التاريخية، فالهندسة المعمارية في إسبانيا متناغمة وفريدة من نوعها ومن الممتع جداً إدراكها ودراستها.
وقد تأثر تشكيل هذا البلد في عصور مختلفة به ساهمت في العديد من حروب الفتح، حيث ترك الحكام والشعوب الذين خلفوا بعضهم البعض بصماتهم على ترتيب المدن، ولكن تم وضع البداية في فترة ولادة الثقافة الايبيرية، ثم جاء الرومان والعرب وبعدها أسس الإسبان حكمهم. ومن هنا نستطيع القول أن هذا البلد أصبح نتاج التعايش بين العصر الروماني القديم والعصر المغربي والإسباني الحديث.
ب- محاكات التراث المعماري الإسباني ما بين الأصالة والحداثة
بدأ المظهر الحالي للمدن الإسبانية يحظى بإهتمام خاص من الجمهور منذ 25 عاماً. والمبنى الاكثر حداثة في برشلونة بني في عام 2005 كرمز للقرن الحادي والعشرين، يصل ارتفاع المبنى الى 145 مترا، تم تشييده بفضل المهندس المعماري سانياغو كالاترافا، تبلغ مساحته 350 الف متر ، وفيه سبعة أجنحة مخصصة لمختلف فروع الفن.
النمط الحديث في العمارة هو تيار معماري ظهر أبان عصر الصناعة في أوروبا، اي حوالي سنة 1920، ليشكل طفرة معمارية واكبت الثورة الصناعية. يتميز هذا النمط بمزج المعماريين لمواد البناء الناتجة عن الصناعة كالإسمنت والحديد والزجاج بالمواد الطبيعية كالخشب والحجارة . كما تميزت بتفضيلها المساحات الفسيحة، وتبني الاشكال الهندسية المستطيلة والمربعة والخطوط عوض النقوش والزخارف وجعل نوافذ المنازل أكبر.وتعتبر الحداثة الكاتالونية تسمية تاريخية تعطى لحركة الفن والأدب المرتبطة بالبحث عن جديد الثقافة الكاتالونية، وتعتبر واحدة من الثقافات السائدة في إسبانيا، وتتشارك فيه الفنون الاخرى (اللوحات، النحت) خاصة في التصميم والفنون الزخرفية (النجارة، الحديد، البلاط، السيراميك، الزجاج، الفضة). كما كانت الحداثة الكاتالونية حركة سياسية ثقافية تتوق الى التغيير في المجتمع السائد، وقد كافح المهندسون الحداثيون من أواخر القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين من أجل تحقيق ثقافة حديثة ووطنية، تم تطويرها في برشلونة على مدى ثلاثة عقود بين 1885 – 1920. ولم تكن الحداثة الكتالونية مجرد أسلوب معماري وزخرفي يتميز بأشكال منحنية مستخرجة من النباتات والطبيعة بل جزء من الفن الحديث، والذي يطلق عليه حداثة الفنون والأدب والموسيقى.
مراحل تطور العمارة في إسبانيا (برشلونة نموذجاً)
العصر الروماني
تميزت العمارة الاسبانية خلال فترة الحكم الروماني القديم بهياكل مهيبة وقوية للغاية (مثال: مدينة تاراغوانا) بحيث تم بناء كل شيء للتأكيد على القوة وتفوق الامبراطورية، خاصة تارغاوانا كأقدم عاصمة وأول مستوطنة في اسبانيا. ويعتبر أقدم مبنى فيها هو القلعة، والذي تم الحفاظ عليه منذ القرن الثالث عشر من عصر ما قبل التاريخ ويشمل أيضا سيركا ومدرجا.
عصر المغاربي
تأخذنا الهندسة المغاربية في اسبانيا الى عالم من القصص الخيالية. والسمات المميزة للتخطيط العمراني العربي هو:
-زخرفة شرقية.-استخدام الحروف الابجدية العربية.
- القباب والأقواس.
ويمكن التعرف على القصر المغاربي من خلال الحدائق والمنتزهات وهياكلها المصحوبة بمجموعة متنوعة من النوافير والبرك والفناءات، مما يؤدي الى التأمل وأسلوب الحياة المريح والاستمتاع بجمال الطبيعة، حيث تميزت هذه القصور بالرقي والرفاهية المذهلين.
العصر القوطي
تتميز هذه الفترة بصراع نشط مع الثقافة العربية، وهو أسلوب للعمارة كان سائداً في أواخر العصور الوسطى.
لا تقل هذه الفترة نشاطاً عن تطوير العمارة الاسبانية والفنون فيها، حيث يلاحظ التأثير العربي في الجدران المغطاة بالزخارف والواجهات الثقيلة والأبراج مثل المئذنة، وتعتبر أفضل مجموعات الفن القوطي كنيسة سانتا ماريا ديل مار في برشلونة.
عصر النهضة
بدأ عصر النهضة في الظهور أواخر القرن 15 كأسلوب فني، ثم تميز بقسوة العناصر الزخرفية والتخطيط المقيد.
أبرز مهندسي عصر النهضة "دييجو دي سيلى"، الذي قام بتصميم واجهة جامعة سالامانكا الملكية.
العمارة الحديثة
تعود هذه الفترة إلى الثمانينات في القرن الماضي، بحيث أدى تدفق الاستثمارات الأوروبية إلى إقتصاد البلاد والعدد المتزايد للسياح إلى منع الأزمة المعمارية.
وتتميز العمارة الحديثة بإستخدام الزجاج والخرسانة والأشكال الهندسية والتصميم والوظيفة المقتضبة.
ثالثا- برشلونة ايقونة العمارة الكتالونية
تشتهر مدينة برشلونة الاسبانية بكونها مسقط رأس نادي الكرة الاسباني الذي له شعبية كبيرة بين محبي كرة القدم، تقع في الغرب الاسباني وهي مدينة ساحلية مطلة على البحر المتوسط، منظمة وتتميز بالمنظر البانورامي الذي يمكنك الاستمتاع به عند صعودك لأعلى "نصب كريستوف كولمبوس" المتواجد بنهاية شارع الرامبل حيث يخيل اليك انك أمام مدينة ألعاب كل شيء فيها محسوب ومسطر كأنك أمام لوحة فنية متقنة.
مباني المدينة تتسم بطابع معماري وفني مميز وفريد من نوعه، وتعتبر العديد من معالمها المعمارية معجزة ورمزاً للهوية الكتالونية، ويرجع الفضل في هذا كله الى المهندس المعماري الإسباني الشهير "انتوني غاودي" والذي خلف ورائه 14 عملا رائعاً منها سبعة أعمال مصنفة ضمن التراث العالمي لليونسكو.
أ- أنتوني غاودي Antoni Gaudi
ولد في 25 يونيو 1852، مهندس معماري إسباني عبقري جمع بين التصميمات المنحوتة وتقنيات البناء الجديدة قبل أن تجعل أجهزة الكمبيوتر الأمر يبدو سهلا ً. ارتبط بالقوطية والفن الحديث والسريالية، وتأثر أيضا بالأساليب الشرقية والطبيعة والنحت، والرغبة في تجاوز أي شيئ تم القيام به من قبل.
تتمتع أعمال غاودي بجاذبية عالمية، هناك العديد من الدراسات المخصصة لفهم عمارته، وتعد تحفته الفنية كنيسة "ساغرادا فامليليا" (العائلة المقدسة) غير المكتملة واحدة من أكثر المعالم جمالاً في إسبانيا. وقد إعتبرت اليونسكو في الفترة من 1984 – 2005 سبعة من أعماله أنها مواقع تراث عالمي.
يظهر في معظم أعماله الشغف الكبير اتجاه العمارة والطبيعة، وقد كان يعتني بكل تفصيل في تصميماته، وكان يدمج في تصميمه مجموعة من الحرف التي كان يتقنها منها: الخزف (السيراميك)، الزجاج الملون، وصهر الحديد.
ب- أهم أعماله
CASA BALTO
تم تشييده ما بين عامي 1906 – 1912 من أغرب تفاصيله ان المبنى بأكمله لا يوجد به ضلع قائم، أما سقف المبنى يحتوي على فتحات تهوية مصممة بشكل مختلف من السيراميك وأحجار الموزاييك يليق بعقلية غاودي الإبتكارية.ما يميز هذا المبنى، هو تصميمه المميز والمبتكر للغاية والذي كان محط للسخرية ويعتبر شاذا عن تصميمات المباني التي كانت متبعة في أوائل القرن العشرين، حيث تم تصميمه على شكل مبنيين مقوسان يتحدان من الأطراف ليكونا مبنى واحد دائري مجوف من الداخل مما يساهم في توصيل الضوء الطبيعي لجميع غرف المبنى، إلى جانب واجهته المميزة المصنوعة من الحجر والحديد وشرفاته المموجة.
إستخدم غاودي أعمدة الحديد من أجل بناءه على الشكل المقوس وتشكيل شرفاته بهذا الشكل المموج، ولم يستخدم أسلوب الحوائط الحاملة الذي كان شائعاً في ذلك الوقت.
هي كنيسة رومانية شرع في بنائها عام 1882 وتفرغ لها 15 عاما حتى وفاته، لم يكتمل بنائها حتى الآن ومن المتوقع ان تنتهي في العام 2026.
تعتبر الكنيسة من كنوز اسبانيا تعتمد على التمويل الخاص من الافراد في التشييد، إعتمد غاوي في تصميمها على الفن المعاصر والاسلوب الفريد.
غاودي بدأ عمله في عام 1883م، وجمع بين القوطية العظيمة، وكورفيلينار الفن العصري والحديث للأشكال الخلابة.
إن هذه الكنيسة يتحدث عنها الجميع على أنها أسطورة الأبنية الحديثة.
CASA VICENS
شيد المبنى بين عام 1883 – 1885 هو بيت للاقامة الصيفية لإحدى العائلات، قرر الفنان الشاب بناء مبنى من الحجر الخام والبلاط الخزفي المتعدد الالوان.
غطى غاودي جدران المنزل بالسيراميك المتعدد الألوان، وزينت الأسقف بالجص وهو مليء بالفوانيس.
تميز المبنى بوفرة السيراميك والنموذج السهل بالإضافة إلى تركيبات جريئة من الضوء والظلام ومن العناصر المميزة.
خارج المبنى يصطف صفوف من الطوب والبلاط والسيراميك متعدد الألوان مع مناظر طبيعية ضيق.
في المطلق تم بناء المنزل ببساطة دون زخرفة والجاذبية الاساسية أعطت للجدران والنوافذ.
ج- أبرز معالم المهندسي الكتالونيين
لقد ارتبط البناء قديما بمواد البناء المحلية، واعتمد على القدرات المحلية في البناء والانشاء بسبب غياب التصنيع والإستيراد لمواد البناء.
تطور الخامات المستخدمة في البناء من خرسانة وحديد وغيرها من المواد ساعدت على تسهيل عملية البناء والتشكيل فيه.
في إشارة إلى أثر التكنولوجيا على تطور المدن، فقد أوضحOlofi A- 2007" " أن البيئة المعمارية الحديثة غلب عليها النزعة نحو الفردية الذاتية لكل مبنى، بحيث بعدت الشوارع عن المقياس الانساني، وأصبحت الساحات تقاطعات في طرق للسيارات من أجل محاولة الحد من استخدام وسائل النقل الحديثة والتوجه نحو الرأسية في البناء وأصبح من الضروريات في بعض الدول أو المدن الصغيرة ذات الكثافة السكانية العالية لتخفيض تكاليف البنية التحتية.
أشار Eldemery 2009" " إلى أن التطور في الاساليب المعمارية نجم عن التقدم التكنولوجي الذي بات عملية مستمرة في مواكبة التطور الحديث والانتشار والنمو العمراني. ولا يمكن الاستغناء عنه في العمارة، لكن لا بد من حسن إستخدامه كأداة لتحقيق المحلية والحفاظ على هوية لتناسب الزمن الحالي وتتناغم مع البيئة العمرانية ومتصلة بالماضي..
Musica Catalana
قصر الموسيقى، هو قاعة للاحتفالات صمم على الطراز الكاتالوني من قبل المعماري "لويس اي مونتانير"، بني في برشلونة في إسبانيا بين عامي 1905- 1908، يصنف حاليا أحد مواقع التراث العالمي في اسبانيا من قبل اليونسكو.
المشروع تم تمويله بشكل أساسي من قبل المجتمع ولكن الجزء الأهم من التمويل جاءت من قبل الصناعيين والبرجوازيين.
يعتبر “لويس اي مونتانير” أحد أعظم ممثلي الحداثة الكاتالونية، انفرد بحلول متقدمة جدا للهيكل مع استخدام مقاطع مغلفة جديدة وهيكل معدني مثبت بنظام الدعامات والأقبية المحيطة المستوحاة من الطراز القوطي. جدران زجاجية كبيرة تتكامل فيها جميع الفنون التطبيقية النحت الفسيفساء والزجاج الملون والحديد.
تتمثل مهمة قصر الموسيقى في تعزيز الموسيقى لا سيما غناء الكورال والمعرفة ونشر التراث الثقافي.
بين عامي 1982 -1989 تم اجراء ترميم وتوسيع كبير للقصر تحت اشراف أهم المهندسين، كما تم تجهيز القصر بمبنى من ستة طوابق حيث غرف الملابس والارشيف والمكتبة وقاعات الاجتماعات.
الحفاظ على المواقع التراثية
التراث الثقافي ثروة ثمينة ومصدر للهوية الثقافية التي تسهم في الحفاظ على البيئة المحلية لكل مجتمع.
لقد أنتجت الحضارات أهم مواقع التراث الثقافي في العالم والمسجلة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
يتأثَّر معظم هذه المواقع بالكوارث الطبيعية والبشرية وغيرها من العوامل التي كان لها نتيجة مدمرة على عديد من هذه المواقع التراثية أبرزها :
- الكوارث البيئية: وهي الكوارث المرتبطة بخصائص البيئة الطبيعية، كالاشعاع الشمسي والمناخ والاتربة والغبار وتلوث الهواء بعوادم السيارات، وتسرب الرطوبة والمياه للاسقف والجدران، أو التي تضم الكوارث الطبيعية من فيضانات والزلازل وصواعق وبراكين والبرق والاعاصير والحرائق الطبيعة، كما تشمل المشكلات البيولوجية الناتجة عن الحيوانات والحشرات والنباتات والكائنات الحية الدقيقة.
- الكوارث البشرية: وهي المرتبطة باعتداء البشر على المواقع التراثية مما يسبب خسائر جسيمة بها، كأعمال الصيانة والحرائق نتيجة الاهمال والهدم والتخريب المتعمد والسرقة والترميم الخاطئ وكذلك تضم الارهاب والحروب والنزاعات المسلحة التي تعد من أهم الاخطار المستمرة على مر السنين.
مراحل الحفاظ على المواقع التراثية
تضم خطة حماية المواقع التراثية من الكوارث عدة أساليب وهي الوقاية من الكوارث وإتخاذ تدابير الحماية، وتخفيف آثار الكوارث الطبيعية من خلال تدريب الموظفين على آلية العمل لحمايتها
المرحلة الاولى: أي قبل الكوارث؛ ينبغي الإستعداد للكارثة والتعامل السليم معها للحد من مخاطرها، وذلك بالدراسة الجغرافية للموقع التراثي، وتحديد علاقته بالكوارث والتجميع الدقيق وحفظ كافة معلومات ورسومات المبنى قبل الكارثة.
المرحلة الثانية: أي اثناء الكوارث؛ وهي فترة 72 ساعة التالية للكارثة يجب تحديد تدابير الإستجابة الطارئة لإنقاذ المواقع التراثية، والتحرك داخلها خلال الكارثة وبيان سبل الحد من أثرها وتفادي وصول الضرر للمواقع الأخرى.
المرحلة الثالثة: وهي مرحلة ما بعد الكوارث؛ وتضم جميع الأنشطة التي يتم إتخذاها بعد الكارثة لتقييم الأضرار والخسائر ومعالجة العناصر التراثية التي تضررت وإجراء تدخلات التصليح والترميم وإعادة التهيئة للمبنى.
معايير وأسس الحفاظ على التراث المعماري
لقد حددت الإتفاقيات الدولية والمواثيق مجموعة من المعايير والأسس التي يجب إتباعها عند التدخل للحفاظ على التراث المعماري منها:
التجانس بين أسلوب الحفاظ ومواده من جهة وبين الأثر ومادته من جهة اخرى من حيث الشكل واللون، أي المظهر الخارجي والتركيب الكيميائي الداخلي. من أجل ضمان تحقيق التجانس المطلوب ينبغي أن يسبق عمليات الحفاظ فحص وتحليل الأثار ومحاولة إيجاد مواد لها نفس طبيعتها وتركيبتها.
الاسترجاعية أي إمكانية إستعادة ما يتم إستخدامه في الحفاظ أو التخلص منه عند الحاجة دون حدوث أي أضرار ممكنة ومع أهمية هذه الصفة إلا انها من الصعب تحقيقها بشكل مطلق.
التمييز بين المواد وطريقة الحفاظ وخاصة في إستكمال الاجزاء المفقودة من الأثار وبين ما هو أصلي وقديم من الاثار لإستبعاد عدم التجانس بينهما.
الحدود الدنيا أي إضافة القليل من مواد الحفاظ وذلك حفاظاً على أصالة الآثار ولا تطغى عليها طابع القدم لها.
المحافظة على الشكل الخارجي والتكوين الداخلي أي الفراغات الداخلية في الآثار المعمارية وخاصة المهمة منها وهو جزء من المحافظة على أصالته.
الخاتمة:
تمثل المدن القديمة بالجذور التراثية لشكل وتكوين المدينة النسيج العمراني بأبعاده وإنعكاساته على البيئة الاقتصادية والإجتماعية والثقافية للمجتمعان مؤثراً ومتأثراً بها، فتاريخ وقيمة المدينة مرتبطة بالنواحي الفيزيائية كالنسيج العمراني فضلاً عن الجوانب الثقافية والإجتماعية التي لا يمكن فصلها عن البعد العمراني للمدينة. تتميز الأحياء والمواقع التاريخية ببيئة عمرانية متوازنة تشكل تراثاً يحفظ جذور الحضارات وسماتها وتعتبر نتاجاً لقيم وأعراف وفلسفة تخطيطية تصل هذا العصر التاريخي بما قبله بتجانس وتكامل واضحين.
لذلك من أجل الحفاظ على التراث المعماري يجب زيادة النشاط العلمي والبحثي لإدراك القيم المعمارية وعلاقتها بالظروف المعاصرة للإستفادة من أعمال التصميم والتخطيط المعماري وزيادة النشاط الإعلامي والمجتمعي للتعريف بأهمية مراعاة القيم المعمارية للمجتمع. بالتالي تعتبر هذه المعالم السياحية الجذابة دليلاً على الإبداع الثقافي والموروث الحضاري وحافزاً للأجيال الماضية بخلق كل ما هو قوي وجذاب، والعمل على حفظ هذه المقتيات الغالية وفهم ضرورة الحفاظ عليها لتركها للأجيال القادمة.
اعداد : سمر ضو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب لنا ما يراودك من مواضيع ترغب في الاطلاع عليها