تقول دوروثي أسبيليدج، الأستاذة الجامعية في التربية في الولايات المتحدة، عن العوامل التي تجعل الطفل متنمرا : "اعتقدنا لوقت طويل للغاية أن هناك نوعا واحدا من المتنمرين، وهو ذاك المتمثل في طفل شديد العدوانية يعاني من مشكلات على صعيد الثقة في النفس وتقدير الذات، وهي المشكلات التي ربما تكون ناجمة عن العيش في منزل يسوده العنف، أو يلقى فيه التجاهل والإهمال". لكن هذا التصور يتغير في الوقت الراهن.
حدد علماء النفس كثيرا من الأنواع المؤكدة للتنمر والاستئساد في المدرسة
وإذا عدنا لتعريف التنمر، الذي يتبناه الباحثون الأكاديميون، فسنجد أنه يقول إن هذا السلوك يمثل "ضربا من العدوان الذي يحدث بين أطراف تتباين في ما بينها في مستويات القوة والسلطة، سواء كانت هذه الأطراف أفرادا أم جماعات".
ورغم أن هذا التعريف ربما يعجز عن إيضاح الثمن الفادح الذي يدفعه الضحية، أو الأسباب المعقدة التي تجعل من البشر متنمرين من الأصل، فإن التباين في مستوى القوة - الذي يشير إليه - يظل عاملا حاسما في حدوث سلوك مثل هذا.
وتقول أسبيليدج: "يمكن أن تتنمر عليّ وأنت تحظى بشعبية أفتقر أنا لها. لذا يؤدي هذا الفارق في القوة إلى أن يصبح من الصعب عليّ الدفاع عن نفسي".
وتضيف أنه على الرغم من أن وجود أمور مثل العنف المنزلي أو التعرض لسلوكيات عدوانية من جانب الأشقاء لا تزال تمثل أسبابا قد تجعل الأطفال متنمرين، فإن ثمة عوامل أخرى. فالطفل الذي يشب عن الطوق في منزل حافل بالسلوكيات العنيفة، قد لا يصبح بالضرورة متنمرا، إذا كان يتلقى العلم في مدرسة تتبنى برنامجا يكافح التنمر، ويسودها مناخ يدعم تحقيق هذا الهدف.
وغالبا ما يكون الأطفال، الذين يتبعون تلك الأنماط الميكافيلية، يتحلون بمهارات اجتماعية أفضل من سواهم، كما يكونون غالبا ذوي شخصيات جذابة بل ومحبوبين من جانب معلميهم، وهو أمر يجعلهم بعيدين كل البعد عن الصورة النمطية للمتنمر، التي تفترض أنه عادة ما يكون "غبيا وأحمقا" كذلك.
ومن بين الأمور الجوهرية هنا أيضا؛ أن هذه النوعية من الأطفال المتنمرين لا يمارسون هذا السلوك طيلة الوقت، بل يُقْدمون عليه ويحجمون عنه، وفقا لما يلاءم مصالحهم واحتياجاتهم.
وتعزز بعض الدراسات الفكرة القائلة بأن سلوكيات التنمر ترتبط في أغلب الأحيان بمن يمارسها أكثر من ارتباطها بمن يقع ضحية لها. ففي دراسة أُجريت على أطفال المدارس في إيطاليا وإسبانيا، طُلِب من التلاميذ المشاركة في تدريب حمل اسم "التفكير في موقف تنمر من وجهة نظر المتنمر". ومنح الباحثون استبيانا لأفراد العينة لكي يصنفوا زملاءهم من خلاله في خانة من ثلاث؛ "متنمر" أو "ضحية" أو "طرف خارجي" لا علاقة له بالموقف برمته.
وتبين أن من صُنِفوا كـ "متنمرين"، كانوا أكثر ميلا إلى التعقيب على موقف التنمر الافتراضي المذكور في الدراسة، بعبارات تركز على كيفية تأثر المتنمر نفسه بهذا الموقف، من قبيل "سأشعر بالرضا لأنني استحوذت على انتباه الأطفال الآخرين"، أو بأخرى تُظهر انعدام تعاطفهم مع الضحية مثل "لا أشعر بالذنب، لأنني لا أفكر في هذا الأمر" من الأصل، أو" لن أكترث بالأمر لأن الضحية لا تعاني" من شيء جراء ذلك.
إذا ما الذي يجدر بك فعله إذا شعرت بأن طفلك ربما يكون ممن يتنمرون على أقرانه؟ يمثل التعرف على الدوافع الحقيقية، وربما الخفية لذلك، خطوة أولى جيدة على هذا الطريق. وتقول أسبيليدج في هذا الإطار: "إذا قال لي أحدهم إن طفلي ينخرط في هذه السلوكيات، سأقول للطفل `حسنا؛ ما الذي تحصل عليه من وراء ذلك؟ ولِمَ تفعله؟`". وتضيف بالقول: "قد يكون السبب أن طفلك يتلقى العلم في مدرسة، يُتوقع من تلاميذها الإقدام على سلوكيات كهذه".
كما يجدر بنا أيضا أن ننظر في ما إذا كانت تصرفاتنا نحن أنفسنا، هي التي تؤثر ربما على تصرفات الطفل.
ومن بين أساليب مواجهة مشكلة التنمر في المدارس، استحداث منظومة لدعم التلاميذ الصغار، عبر اختيار زملاء لهم أكبر سنا، ليكونوا مرشدين لهم على صعيد كيفية التصرف بشكل سليم، حينما يلتحقون بالمدرسة للمرة الأولى.
ويمكن أن يكون لتعرضك للتنمر في فترة الطفولة تَبِعات تستمر طيلة حياتك، وتؤثر على مدى ثقتك في نفسك وتقديرك لذاتك وعلى صحتك العقلية أيضا
لكن هل يكف الأطفال عن التنمر بمجرد وصولهم إلى طور الرشد وإنهائهم لمراحل الدراسة المختلفة؟ برأي هذه الأستاذة الجامعية في التربية؛ قد يحدث ذلك للبعض منهم بالفعل، أو ربما يجد هؤلاء متنفسا ذا طابع آخر، يمارسون من خلاله سلوكياتهم العدوانية.
بوسعنا القول إن بعضا ممن يمارسون التنمر في المدارس يمتهنون وظائف يفيدهم فيها ممارسة هذا النمط من السلوك، سواء كان ذلك عبر العمل ضابطا للشرطة أو أستاذا جامعيا أو محاميا".
وبعيدا عن كل ذلك، ربما يكون أكثر ما يبعث على الحزن بشأن التنمر أن تأثيره على ضحيته قد يستمر لعقود طويلة، ما يؤدي إلى تدهور الصحة البدنية والنفسية لها كذلك.
منقول بتصرف - BBC
حدد علماء النفس كثيرا من الأنواع المؤكدة للتنمر والاستئساد في المدرسة
وإذا عدنا لتعريف التنمر، الذي يتبناه الباحثون الأكاديميون، فسنجد أنه يقول إن هذا السلوك يمثل "ضربا من العدوان الذي يحدث بين أطراف تتباين في ما بينها في مستويات القوة والسلطة، سواء كانت هذه الأطراف أفرادا أم جماعات".
ورغم أن هذا التعريف ربما يعجز عن إيضاح الثمن الفادح الذي يدفعه الضحية، أو الأسباب المعقدة التي تجعل من البشر متنمرين من الأصل، فإن التباين في مستوى القوة - الذي يشير إليه - يظل عاملا حاسما في حدوث سلوك مثل هذا.
وتقول أسبيليدج: "يمكن أن تتنمر عليّ وأنت تحظى بشعبية أفتقر أنا لها. لذا يؤدي هذا الفارق في القوة إلى أن يصبح من الصعب عليّ الدفاع عن نفسي".
وتضيف أنه على الرغم من أن وجود أمور مثل العنف المنزلي أو التعرض لسلوكيات عدوانية من جانب الأشقاء لا تزال تمثل أسبابا قد تجعل الأطفال متنمرين، فإن ثمة عوامل أخرى. فالطفل الذي يشب عن الطوق في منزل حافل بالسلوكيات العنيفة، قد لا يصبح بالضرورة متنمرا، إذا كان يتلقى العلم في مدرسة تتبنى برنامجا يكافح التنمر، ويسودها مناخ يدعم تحقيق هذا الهدف.
وغالبا ما يكون الأطفال، الذين يتبعون تلك الأنماط الميكافيلية، يتحلون بمهارات اجتماعية أفضل من سواهم، كما يكونون غالبا ذوي شخصيات جذابة بل ومحبوبين من جانب معلميهم، وهو أمر يجعلهم بعيدين كل البعد عن الصورة النمطية للمتنمر، التي تفترض أنه عادة ما يكون "غبيا وأحمقا" كذلك.
ومن بين الأمور الجوهرية هنا أيضا؛ أن هذه النوعية من الأطفال المتنمرين لا يمارسون هذا السلوك طيلة الوقت، بل يُقْدمون عليه ويحجمون عنه، وفقا لما يلاءم مصالحهم واحتياجاتهم.
وتعزز بعض الدراسات الفكرة القائلة بأن سلوكيات التنمر ترتبط في أغلب الأحيان بمن يمارسها أكثر من ارتباطها بمن يقع ضحية لها. ففي دراسة أُجريت على أطفال المدارس في إيطاليا وإسبانيا، طُلِب من التلاميذ المشاركة في تدريب حمل اسم "التفكير في موقف تنمر من وجهة نظر المتنمر". ومنح الباحثون استبيانا لأفراد العينة لكي يصنفوا زملاءهم من خلاله في خانة من ثلاث؛ "متنمر" أو "ضحية" أو "طرف خارجي" لا علاقة له بالموقف برمته.
وتبين أن من صُنِفوا كـ "متنمرين"، كانوا أكثر ميلا إلى التعقيب على موقف التنمر الافتراضي المذكور في الدراسة، بعبارات تركز على كيفية تأثر المتنمر نفسه بهذا الموقف، من قبيل "سأشعر بالرضا لأنني استحوذت على انتباه الأطفال الآخرين"، أو بأخرى تُظهر انعدام تعاطفهم مع الضحية مثل "لا أشعر بالذنب، لأنني لا أفكر في هذا الأمر" من الأصل، أو" لن أكترث بالأمر لأن الضحية لا تعاني" من شيء جراء ذلك.
إذا ما الذي يجدر بك فعله إذا شعرت بأن طفلك ربما يكون ممن يتنمرون على أقرانه؟ يمثل التعرف على الدوافع الحقيقية، وربما الخفية لذلك، خطوة أولى جيدة على هذا الطريق. وتقول أسبيليدج في هذا الإطار: "إذا قال لي أحدهم إن طفلي ينخرط في هذه السلوكيات، سأقول للطفل `حسنا؛ ما الذي تحصل عليه من وراء ذلك؟ ولِمَ تفعله؟`". وتضيف بالقول: "قد يكون السبب أن طفلك يتلقى العلم في مدرسة، يُتوقع من تلاميذها الإقدام على سلوكيات كهذه".
كما يجدر بنا أيضا أن ننظر في ما إذا كانت تصرفاتنا نحن أنفسنا، هي التي تؤثر ربما على تصرفات الطفل.
ومن بين أساليب مواجهة مشكلة التنمر في المدارس، استحداث منظومة لدعم التلاميذ الصغار، عبر اختيار زملاء لهم أكبر سنا، ليكونوا مرشدين لهم على صعيد كيفية التصرف بشكل سليم، حينما يلتحقون بالمدرسة للمرة الأولى.
ويمكن أن يكون لتعرضك للتنمر في فترة الطفولة تَبِعات تستمر طيلة حياتك، وتؤثر على مدى ثقتك في نفسك وتقديرك لذاتك وعلى صحتك العقلية أيضا
لكن هل يكف الأطفال عن التنمر بمجرد وصولهم إلى طور الرشد وإنهائهم لمراحل الدراسة المختلفة؟ برأي هذه الأستاذة الجامعية في التربية؛ قد يحدث ذلك للبعض منهم بالفعل، أو ربما يجد هؤلاء متنفسا ذا طابع آخر، يمارسون من خلاله سلوكياتهم العدوانية.
بوسعنا القول إن بعضا ممن يمارسون التنمر في المدارس يمتهنون وظائف يفيدهم فيها ممارسة هذا النمط من السلوك، سواء كان ذلك عبر العمل ضابطا للشرطة أو أستاذا جامعيا أو محاميا".
وبعيدا عن كل ذلك، ربما يكون أكثر ما يبعث على الحزن بشأن التنمر أن تأثيره على ضحيته قد يستمر لعقود طويلة، ما يؤدي إلى تدهور الصحة البدنية والنفسية لها كذلك.
منقول بتصرف - BBC
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب لنا ما يراودك من مواضيع ترغب في الاطلاع عليها