غالبا ما يتعثر أو يتأخر طلابنا خلال مسيرتهم
الدراسية، وقد تتعدد الأسباب التي تكون وراء هذه الظاهرة، إلا أن النتيجة واحدة،
وهي تراجعهم وتقصيرهم في تحصيلهم، والتي أحيانا قد تصل الى توقفهم نهائيا عن
متابعة دراستهم.
من هنا يتوجب على كافة المعنيين ان يوحدوا جهودهم
لمحاربة هذه الظاهرة، وتوعية الجميع بمخاطرها، وذلك بهدف تعزيز قدرات الطفل
لمواجهة الصعوبات التي أودت به الى هذه المرحلة الحرجة من حياته.
تختلف الأسباب التي تقف وراء ظاهرة التعثر
الدراسي (الرسوب) ومنها ما هو واضحا ومعلوما ومنها ما يكون مبطنا بمظاهر خفية، لا
نستطيع ان نعرفها بمجرد النظر إليها، من هنا علينا أن ندرس جيدا كل حالة على كونها
حالة خاصة، بمعرفة كافة جوانبها، وفهمها جيدا بالمرحلة الأولى، ومعالجتها في
المرحلة الثانية وهو الهدف.
تتعدد الأسباب الخفية والمعلنة، ولكن لا بد
من التركيز أولا على المحيط الأسري والاجتماعي للطفل، لمعرفة الواقع الذي نشأ فيه
وما هي الأجواء التي أدت الى هذه النتيجة. من هنا علينا ان نعرف واقع الأسرة الصحي
والاجتماعي والاقتصادي، كيفية تعاملهم مع الطفل المتعثر (بالتوبيخ او التعنيف)،
وما هي البيئة الحاضنة له اذا كان هناك حالات اجتماعية شاذة عن المألوف، أو حالات
خاصة كطلاق الوالدين، او فقدان أحدهما، عنف أسري، قد تؤثر سلبا على قدرة الطفل على
التركيز وبالتالي على تحصيله الدراسي.
وبعد الاطلاع على الجانب الأسري وهو الأهم
بالنسبة لعالم الطفل، حيث تعتبر الأسرة هي عالمه الخاص والعام، نستطيع ان نفهم الجوانب
الصحية والنفسية للطفل قبل ان ننتقل الى أسباب أخرى قد تكون سببا في تراجعه وهي ما
يطلق عليها حالات خاصة كضعف جسدي (بصر، سمع، نطق) ضعف في نسبة الذكاء، خلل في
النمو وعدم قدرة على التكيف، هذه الحالات التي تستوجب متابعة خاصة من ذوي الاختصاص
لشرح الوضع بالدرجة الأولى، وتفهم هذه الحالة من قبل الأهل قبل العمل على معالجتها
في مراحل لاحقة.
ولكن يبقى هناك سببا لا بد من الإشارة اليه
كسبب مبطن من ظاهرة التعثر الدراسي، وهو عدم ملاءمة المناهج الدراسية الجامدة
والجافة والتقليدية مع متطلبات العصر، فهذه المناهج لم تعد قادرة على مواكبة تطور
المفاهيم التربوية، ومن هنا لا بد من قيام وزارة التربية والتعليم بإعادة تقييم
هذه المناهج وإعادة صياغتها بما يتناسب مع متطلبات العصر الجديد. فأولادنا اليوم أصبحوا
أكثر وعيا وادراكا، ومفاهيم الحياة اختلفت وتطورت ومن هنا يجب ان تأتي هذه المناهج
منسجمة مع عصر التكنولوجيا السائد.
ومثالا على ذلك اعتماد مدارسنا على الأساليب
النظرية في الدراسة، وكثرة المواد والحشو في المناهج، إضافة الى اتسام المواد
بالتجريد بما يتناقض مع خصائص المرحلة العمرية مما يكرس تراجع الأطفال، مع غياب
مواكبة الاهل واضطلاعهم بالدور المرسوم لهم.
وتبقى النقطة الأساس التي قد تكون من أهم أسباب
تراجع أداء أولادنا في المدرسة، وهو نظرة المدرسة أو المعلمة إلى الطلاب بشكل
أحادي دون الاهتمام بالفروقات الفردية، ما هو مطلوب من محب المواد الأدبية مطلوب
من محب المواد العلمية وهذا يسيء لقدرات الطفل الإبداعية، ليس المطلوب ان يكون
جميع الخريجين مهندسين وأطباء لكل طفل قدراته ورغباته وميوله ، ومنا نقول لا يجب أن يتم التعامل مع جميع الفئات سواسية وبشكل موحد.
ويبقى علاج هذه الظاهرة معتمدا بشكل أساسي
على التكاتف بين عدة عناصر، المجتمع والاسرة المدرسة للمساعدة على فهم أهمية الدراسة
في تحقيق شخصية الطفل وتأمين مستقبله. وصولا الى تنمية المهارات الخاصة لكل طالب،
وتحقيق استقلاله كفرد، وذلك من خلال المثابرة والتحفيز.
قسمي الدماغ الأيمن والأيسر |
وكما
أصبح معروفا لدى الجميع ان عملية التعلم لدى الطالب تتوقف على التفاعل بين مكونات
الدماغ المقسم الى قسمين بحيث يقوم كل نصف من نصفي الدماغ بأنماط معينة من التفكير
والنشاط الذهني، فالجزء الأيسر مسؤول عن التخطيط والتحليل وحل المشكلات والنظام (أي
المسؤول عن معالجة المعلومات التي تصله على التوالي) . أما النصف الثاني فهو مسؤول
عن التخيل والتخاطب والفن والعاطفة. والشخص الذي يتحكم فيه النصف الأيسر يفكر
بالكلمات والأعداد بينما الأيمن يفكر بصريا بالصورة والتخيل.
من هنا علينا أن نراعي هذه الفروقات ونحن نتعامل
مع أولادنا، كما علينا ان نراعي وجود عدة مستويات في الصف، فهناك من يفهم المواضيع
المطروحة أمامه من المرة الأولى، وهناك من يحتاج الى تكرار المعلومة أكثر من مرة
لترسيخها في ذهنه أو حتى تقديمها بعدة قوالب مختلفة حتى تصبح واضحة وثابتة لديه.
ولهذا على المدارس ان تعتمد طريقة فصل الطلاب
في الصف الى مستويات مختلفة ، وبناء عليه تأتي الدرجات والتقييمات لهذا الفصل بين
الفئات المحددة، وهذا تجنبا من شعور الطلاب بالغبن عند مقارنتهم بأقرانهم، مما يجعلهم
يتراجعون في أدائهم المدرسي وصولا الى تعثرهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب لنا ما يراودك من مواضيع ترغب في الاطلاع عليها