الثلاثاء، 22 ديسمبر 2020

رحلة المراهقة.. ماذا تعني ؟

 مصطلح المراهقة Adolescence يعني كما يُستخدم في علم النفس مرحلة الانتقال من الطفولة إلى مرحلة النضج والرشد. والمراهقة مرحلة تأهُّب لمرحلة الرشد. وهي تمتد من العقد الثاني من حياة الفرد من الثالثة عشرة إلي التاسعة عشرة تقريباً، أو قبل ذلك بعامٍ أو عامين أو بعد ذلك بعامٍ أو عامين .

ومن السهل تحديد بداية المراهقة، ولكن من الصَّعب تحديد نهايتها، ويرجع ذلك إلي أن بداية المراهقة تتحدَّد بالبلوغ الجنسي، بينما تتحدَّد نهايتها بالوصول إلي النضج في مظاهر النموّ المختلفة.

 بماذا تتميَّز مرحلة المراهقة ؟ 

-  النموّ الواضح المستمر نحو النضج في كافة مظاهر وجوانب الشخصيَّة. 

-  التقدُّم نحو النضج الجسمي.

- التقدُّم نحو النضج الجنسي. 

-  التقدُّم نحو النضج العقلي، حيث يتمّ تحقُّق الفرد واقعيًّا من قدراته، وذلك من خلال الخبرات والمواقف والفرص التي يتوافر فيها الكثير من المحكات التي تُظهر قدراته. 

- التقدُّم نحو النضج الانفعالي . 

-  التقدُّم نحو النضج الاجتماعي، واكتساب المعايير السلوكيَّة الاجتماعيَّة، والاستقلال الاجتماعي، وتحمُّل المسؤوليات، وتكوين علاقات اجتماعية جديدة، والقيام بالاختيارات، واتخاذ القرارات فيما يتعلَّق بالتعليم والمهنة والزواج. 

- تحمُّل مسؤولية توجيه الذَّات.

- اتخاذ فلسفة في الحياة، ومواجهة نفسه في الحاضر، والتخطيط للمستقبل. 

ماذا تعني مرحلة المراهقة ؟ 

وصف عَالِم النفس الأمريكي « جرانفيل ستانلي هول»   المراهقة بأنَّها فترة عواصف وشدة، تكتنفها الأزمات النفسيَّة، وتسودها المعاناة والإحباط والصِّراع والقلق وصعوبات التوافق. 

ويري البعض في حياة المراهق مجموعة من المتناقضات. ويشبه البعض حياة المراهق بحُلمٍ طويل في ليلٍ مظلم تتخلَّله أضواء ساطعة تخطف البصر أكثر ممَّا تضئ الطريق؛ فيشعر المراهق بالضياع لفترةٍ تنتهي بأنْ يجد نفسه، ويعرف طريقه، عندما يصل إلى مرحلة النضج. 

ويقول البعض أنَّ المراهق يُجرِّب كُلّ إمكاناته وقدراته بدون تخطيط مُحكم كعازف البيانو الذي يُحاول وضع كُلّ أصابعه على جميع مفاتيح البيانو ممَّا يجعل اللَّحن نشازاً أو أقرب إلي الضجيج منه إلى الموسيقى. وبالتدريج ومع النضج يبدأ في اختيار النغمة الصحيحة، والوضع الملائم حتي يصل إلي إتقان عزف السيمفونيات. 

إلَّا أنَّ بحوث كثير من العلماء، أوضحت أن ما يصادفه الفرد من عواصف وتوتُّرات وشدة إنَّما ترجع إلي عوامل الإحباط والصِّراع المختلفة التي يتعرَّض لها في حياته الأُسريَّة، وفي المدرسة، وفي المجتمع.

 ولقد أثبتت الدراسات أيضاً أنَّ المراهقة مرحلة نمو عادي، وأنْ المراهق لا يتعرَّض لأزمةٍ من أزمات النموّ مادام هذا النموّ يسير في مجراه الطبيعي. أي أن هؤلاء يرون في المراهقة مرحلة البحث عن الذَّات وتحقيقها، مرحلة الحُبّ، مرحلة نمو الشخصيَّة وثقلها، مرحلة اكتشاف القيم والمُثل العُليّا. كُلّ هذا يصور لنا أنَّ مرحلة المراهقة مرحلةً فيها الكثير من النموّ، وفي نفس الوقت فيها الكثير من التذبذُّب والاضطراب والمحاولة والخطأ.

هل المراهقة مرحلة حرجة ؟ 

تظهر في حياة المراهق مواقف تدل علي أن مرحلة المراهق مرحلة حرجة، من هذه المواقف، ما يلي: الصِّراعات النفسيَّة: وهي التي تطرأ علي المراهق، فالمراهق الصَّغير يسعي لأن يكبر ويتحمَّل المسؤولية، ولكنَّه يحتاج لأن يظل طفلاً ينعم بالأمان. وهو يسعي إلى الاستقلال ولكنَّه ما زال يحتاج إلى المُساندة والدعم والاعتماد علي الآخرين خاصَّة الوالدين والأسرة، وهو يسعي إلى الحُرِيَّة الشخصيَّة ولكن المعايير والقيم الاجتماعيَّة تُكبله وتُقيده أحياناً .

 الضغوط الاجتماعيَّة الخارجية: وهي كثيرة ومُتعدِّدة، فعلي المراهق أن يقف علي قدميه، وان يُفكِّر لنفسه، ويختار ويُقرِّر، وهو يُريد تحقيق ذاته، ولكن عليه أن يتطابق تفكيره وسلوكه مع المعايير الاجتماعيَّة. 

وهو يُريد أن يُحقق ميوله ويشبع رغباته، ويُلبي حاجاته، ولكن عليه ألَّا ينسي مفهوم « التوافق الاجتماعي » يعني رضا الفرد عن ذاته، وقناعته نحو الشيء المُنجز عن رغبة وقصد، وفيه أيضاً تطابق مع الذَّات بشكلٍ كبير، كما يكون الفرد صادقاً مع نفسه ومع الآخرين في تصرُّفاته وسلوكياته، ويعيش بتوافقٍ مع المجتمع الذي يعيش بكنفه). 

الاختيارات والقرَّارات: فعلي المراهق القيام بالاختيارات واتخاذ القرَّارات الحيوية التي تُحدِّد مستقبل حياته. ومن هذه الاختيارات والقرَّارات ما يتعلَّق بالتعليم ( مستواه، ونوعه، ومداه )، ومنها ما يتعلَّق بالمهنة ( نوعها، الإعداد لها، والدخول فيها، والتوافق معها )، ومنها ما يتعلَّق بالزواج ( الزواج، أو الإضراب عن الزواج ). 


صِّراع الأجيال: والمقصود به اختلاف وجهات النظر بين الكبار وبين المراهقين بخصوص بعض المفاهيم، مثل: السلطة، والحُرِيَّة، والنظام، والطاعة، والديمقراطية.. الخ. 

 

منقول : سيكولوجية النموّ والارتقاء في المراهقة ، وفيق صفوت مختار. (2020).  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب لنا ما يراودك من مواضيع ترغب في الاطلاع عليها

توافق الصحة النفسية للطفل بين الاسرة والمدرسة

  توافق الصحة النفسية للطفل بين الاسرة والمدرسة إعداد : سمر ضو   1-العلاقات بين المدرس والتلاميذ التى تقوم على اساس من الديموقراطية والتوجيه...