يبدو مفهوم الوقت وتنظيم الوقت عند الأطفال غريباً بعض الشيء، فالطفل قد اعتاد منذ ولادته على "قضاء وقته" خلال اليوم بعيداً عن مفهوم الجداول الزمنية والساعات، لأنه يلعب وقتما يشاء ويأكل وينام وقتما يشاء، يبقى ذلك متاحاً له إلى وقت دخوله المدرسة وتعرّفه على المعنى الحقيقي لـ تقسيم الوقت؛ بين الحصص الدراسية وأوقات الاستراحة ووقت النوم والاستيقاظ للوصول إلى المدرسة في الوقت المحدد وهكذا.
يدخل الطفل مرحلة المدرسة ويبدأ التقيد بالوقت، فيتعامل بعض الأهل مع هذا التغير المفاجئ على الطفل بشيء من الصرامة والقسوة، وهذا أبعد ما يريده الطفل في هذه المرحلة، فهو يحتاج أولاً التعرف على مفهوم وتنظيم الوقت، ومن ثمّ تطبيق بعض الخطوات التدريجية البسيطة حتى الوصول إلى تعلّم مهارات تنظيم الوقت.
تبدو مهمة تنظيم الوقت عند الأطفال كـ مهارة مكتسبة؛ من خلال بعض السلوكيات اليوميّة التي تجعل الطفل يعتاد على استثمار وقته بما يتناسب مع المهام والأنشطة اليومية، وهي مهارة مهمة جداً لغرسها في الصغر، حيث سوف تخلق في شخصية الطفل دوافع الانضباط الذاتي وتنظيم الأمور وترتيب الأولويات، كما أنّ مهارة تنظيم الوقت عند الطفل غالباً ستكبر معه وتغدو عادة تهيّأ له كشخص بالغ في المستقبل؛ فرصاً أكبر للنجاح في الحياة المهنية والشخصية
نصائح مهمة لتنظيم وإدارة الوقت عند الأطفال
تعتبر مهارة تنظيم وقت طفلك كأي مهارة تحتاج إلى ممارسة وتعاون بينك وبين الطفل، حيث يعتاد الطفل على الأمور التي تتوقعين منه فعلها، لأنه يحب أن يلبي توقعاتك، وإليك بعض أهم النصائح التي قد تساعدك في جعل عادة تنظيم الوقت عادة يومية لدى طفلك:
البدء بتدريب الطفل على تنظيم الوقت في عمر مبكر: من الممكن أن تعتمد مع طفلك على بعض العادات التي تندرج ضمن سلوكيات تنظيم الوقت في عمر مبكر وقبل دخوله المدرسة، فمثلاً وضع قواعد محددة لأوقات النوم والوجبات من الفطور والغداء، سيجعل من مفهوم تنظيم الوقت سهلاً على طفلك، ومن ثمّ سيكون تعويده على مزيد من مسؤوليات تنظيم الوقت أمراً سهلاً عند دخوله المدرسة .
ترتيب عدة مهام للطفل في اليوم وترتيبها ضمن أولويات محددة:
فمثلاً في بداية النهار تطلب من طفلك أن يقوم بغسل وجهه أولاً ثم الفطور كعادة يومية بسيطة، أو قد تطلب منه أن يقوم بأداء واجبه المدرسي بعد العودة من المدرسة ثمّ اللعب، وبهذا يتعود الطفل على القيام بالمهام اليومية بشكّل مرتب، بحيث تكون المهمة الأولى بوابّة للمهمة الثانية وهكذا .
تعويد الطفل على الألفاظ الزمنية (القصيرة والطويلة):
يجد الطفل في بداية استعمال ألفاظ الزمن صعوبة في استيعاب فترة كل وقت، بمعنى لا يستطيع التفريق بين الدقيقة والساعة، لذلك ممكن أن تبدأ بترتيب الغرفة بمساعدة طفلك قائلاً له: "سنحتاج 10 دقائق لتنظيف الغرفة"، ومع انتهاء التنظيف سيستوعب أن هذه المدة هي ال 10 دقائق.. العبرة من ذلك؛ جعل مفهوم الوقت أمراً سهلاً بالنسبة للطفل، ومن ثمّ تعويده على وضع حدود زمنية للمهام.
إضافة بعض المرح والتسلية في تعليم مهارة تنظيم الوقت عند الطفل:
قد يبدو الأمر لدى الطفل مملاً بعض الشيء عند إخباره بأنه يجب أن ينام في هذه الساعة أو يأكل في هذا الوقت فقط لأجل القوانين والعادات، بدلاً من ذلك تستطيع أن تضيف بعض المنافسة والمكافآت عندما تطلب من الطفل أن يؤدي مهمة مثلاً؛ إتمام الواجب المدرسي في وقت محدد يُقابل بـ حلوى مفضّلة لدى طفلك أو جعل وقت ما قبل النوم هو وقت قراءة القصة المفضلة لديه، وبذلك يجد الطفل في تنظيم الوقت أمراً مرتبطاً ب أمور محببة لديه .
تنظيم جدول المهام اليومية والأسبوعية:
يبدو استخدام جدول لكتابة المهام باستخدام الأقلام الملونة واللاصقات المزخرفة؛ أمراً مشجعاً لطفلك ليقضي بعض الوقت في التفكير بما سيقوم بفعله ومن ثم تعويده على وضع إشارة أو عبارة تجعله يشعر بالإنجاز بعد أداءه للمهمة المطلوبة .
ترك وقت بدون جدولة في اليوم:
لا تحتاج كل الأوقات في حياة الطفل لتنظيم، بالطبع هناك وقت سيرغب به طفلك أن يكون حراً دون مهام مجدولة، فكما التنظيم مهم ستكون فترات الراحة مهمة أيضاً لخلق وقت لـ العفوية التي يفضلها الطفل في سير يومه وبالتالي جعل الخطة مرنة أكثر.
كن صبوراً في العمل على غرس مهارة تنظيم الوقت في طباع طفلك:
تذكّر أن تكون مشجعاً وملاحِظاً جيداً لتقدم طفلك في تطوير مهارة تنظيم الوقت، فكلما وجدك متحمساً أكثر لإنجازاته الصغيرة، كلما ساعدك وساعد نفسه أكثر في جعل هذه المهارة عادة يومية جيدة .
التخطيط ليوم الطفل
الطفل سيعتاد على مهارة تنظيم الوقت نتيجة تعايشه مع يوم مخطط بعناية دون أن يكون التخطيط مقيّد إلى درجة مزعجة، لذلك لا بد من الاهتمام بالتخطيط ليوم الطفل مع أخذ النصائح السابقة بعين الاعتبار، وإليكم أبرز ما يتعلق بالتخطيط ليوم الطفل:
التأسيس لروتين يومي مستقر:
خاصّةً ما يتعلق بوجبات الطعام، وأوقات اللعب وأوقات الدراسة، أوقات مشاهدة التلفاز أو استخدام الانترنت ووقت النوم، هذه الأمور يجب أن تكون منظّمة في حياة الطفل، شريطة ألا يتحول هذا التنظيم إلى نظام عسكري مرهق.
مشاركة الطفل في وضع الخطة:
من خلال سؤاله مثلاً إن كان يفضل اللعب قبل حل الواجبات المنزلية أم بعدها، وإن كان يفضل الحصول على استراحة طويلة واحدة أو تقسيم استراحته، مع الحرص أن يلتزم الطفل بخياراته ويتحمل مسؤوليتها.
أن يكون التخطيط ليوم الطفل مرناً:
حيث ستحتاج في أي وقت لإدخال بعض التعديلات إذا لاحظت أن طفلك لا يستجيب جيداً أو أن المخطط مرهق له، أو حتى نتيجة تغير الفصول.
فواصل من المرح:
كما ذكرنا لا يجب أن يكون المخطط صارماً، بل يجب أن يتضمن هامشاً من المرح والمكافآت الزمنية.
فوائد مهارة تنظيم الوقت عند الأطفال
ماهي الفوائد التي سيجنيها طفلك من اكتساب مهارة إدارة الوقت؟
هناك الكثير من الفوائد التي سيجنيها طفلك عند تطبيق سلوكيات تنظيم الوقت السليم خلال اليوم من أبرزها:
التخفيف من التوتر والقلق: تقسيم أعمال اليوم إلى مهام صغيرة سهلة الإنجاز، يجعل الطفل مرتاحاً أكثر في أداء هذه المهام من دون الاضطرار إلى التفكير بها دفعة واحدة؛ وما يترتب على ذلك من مشاعر التوتر المرافقة لتراكم المهام.
التوفيق بين الواجب المدرسي والأنشطة الترفيهية: سيكون هناك متسع من الوقت للقيام بكل شيء، فالوقت المرتب والمنظم يعطي لكل شيء من مهام اليوم حقّه.
زيادة مشاعر الفخر والثقة بالنفس: كلما زاد عدد المهام المُنجَزة لدى طفلك كلما زادت ثقته بنفسه وبقدراته على تحقيق أهدافه بسهولة في المستقبل.
تحمل المسؤولية: تعطي المهام اليومية لطفلك مزيد من الإحساس بالمسؤولية وبذلك تعززّ فكرة أداء المهام عنده شعوره بتحمل مسؤولية مهامه الصغيرة حالياً، وصولاً إلى تحمل مسؤولية حياته مستقبلاً.
الاستمتاع باللحظة الحالية أكثر: أداء المهام في أوقات محددة يجعل الطفل مستمعاً أكثر بلحظته بحيث لا "يركض" ملاحقاً مهامه.. هو يعرف أنَ لكلّ شيء وقتاً محدداً؛ هناك وقت لكتابة الوظيفة وهناك وقت للاستمتاع بالطبيعة أيضاً .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اكتب لنا ما يراودك من مواضيع ترغب في الاطلاع عليها